أحداث مال .. مطالب شعبية ملحة أم تجاذب سياسى بالغ الخطورة والتعقيد؟

تصاعدت وتيرة الغضب داخل مركز "مال" الإداري بولاية لبراكنه اليوم الثلاثاء 30 أغشت 2016 بكل مفاجئ، وسط اتهام لبعض الأطراف المحلية بالوقوف خلف الحراك الجارى، واتهام أطراف أخرى بتهيئة الوضعية لما وقع عبر ضخ المال السياسى واستغلال النفوذ لصناعة خارطة سياسية جديدة لامكان فيها لأصحاب الأرض.

فوضى قرب المقار الرسمية، واقتحام بعضها خلال الساعات الأولى، وإحراق العلم وترويع رئيس المركز وأفراد أسرته، وتحطيم هيبة الدولة بأبشع الطرق، وسط غياب تام للقوى التقليدية والشريكة فى صناعة القرار عن واجهة الفعل أو اتخاذ مبادرات شعبية لتهدئة الوضعية المتصاعدة، رغم التعزيزات العسكرية والأمنية.

توفير المياه هو أبرز مطالب المحتجين، لكن خلف الأكمة – كما يقال- الكثير من الملفات المطروحة منذ فترة، فالعطش فى فصل الصيف أخطر، والشعور به أقوى، ولكن الحراك الذى عاشته المنطقة خلال الأسابيع الماضية، وإمعان السلطة فى خلق بيئة سياسية جديدة على حساب الأرض والفاعلين فيها، ربما يكون السبب الأبرز فى الحراك الحالى، وهو أمر قد تنتقل شرارته إلى مناطق أخرى بفعل الاحتقان والشعور بالغبن والتهميش.

ولعل أخطر ما آلت إليه الأمور خلال الساعات الأخيرة، هو جنوح بعض المنتمين لإحدى المجموعات القبلية والسياسية إلى التصعيد الاعلامى عبر الوسائط المتاحة والتحريض على السكان المحليين، وذهاب البعض إلى درجة المطالبة بحرق سكان المركز  وهم أحياء، والانتقام من المجموعة التى قادت الحراك اليوم الثلاثاء شر انتقام.

وتعيش مناطق واسعة من موريتانيا حالة احتقان متصاعدة بفعل الضغوط المعيشية، واحتكار ثلة من النافذين لمجمل الفوائد المترتبة على ممارسة السلطة، واستغلال دوائر صنع القرار لخلق مجمتمعات منزوعة الدسم عبر التدجين وإقصاء المخالف فى الرأي، والعمل من أجل طى صفحة الماضى بكل شخوصه الشاهدة على عمق الهوة بين الأمس واليوم.