يشكل عيد الاستقلال القادم محطة مهمة فى تاريخ البلد المعاصر، فقد يكون آخر عيد استقلال يعزف فيه النشيد الحالى، وترفرف فيه راية البلاد القديمة، ويحضر وقائع الاحتفالات المقررة فيه شخص يمثل أعضاء مجلس الشيوخ وآخر يمثل المجلس الدستورى، بحكم الطبخة السياسية الحالية.
آخر عيد فى الجمهورية الثانية قد يكون نقطة تحول فى مسار النظام السياسى بموريتانيا، ولذا يعتبر الاحتفال به خارج العاصمة رسالة ذات سياسية بالغة التأثير.
فأين سيحتفل به الرئيس؟
وهل سيوجه فيه خطابا للأمة؟
وهل يكون بداية التأسيس الفعلى للجمهورية الثالثة؟
وماهي أبرز الرسائل التى قد توجه عبر احتفال البلاد بيومها الوطنى؟.
إلى حد الساعة لايوجد أي حديث رسمى أو غير رسمى عن عيد الاستقلال، وحتى التحضير الروتينى الذى تقوم به الحكومة عبر تجهيز بعض المشاريع المقرر تدشينها لايزال دون المستوى المطلوب، فى ظل تأكيد أكثر من قطاع وزارى على أن أي تعميم أو تنبيه لم يصل لحد الساعة.
غير أن الحراك الذى قام به الرئيس 2015 من خلال الاحتفال مع القوات المسلحة فى الصحراء الكبرى، والعرض العسكرى بنواذيبو، يجعل الحديث عن عيد الاستقلال مبررا من الناحية السياسية، بحكم الحاجة إلى خطوة رمزية لإعادة لفت الأنظار إلى التحول المعلن من قبل الرئيس وكبار الفاعلين فى صناعة القرار بموريتانيا.
وتطرح عدة خيارات الآن لعل أبرزها:
(1) تنظيم أمسية سياسية وعرض عسكرى بكورغل من أجل إعطاء رسالة للداخل والخارج أن الثامن والعشرين من نوفمبر هو عيد لكل الموريتانيين، وليس عيد مجموعة واحدة كما روجت لذلك قوى سياسية مناهضة للأحكام المتعاقبة ، عبر نكأ الجراح والدعوة لتغيير تاريخ الاستقلال، وإظهار الثامن والعشرين من نوفمبر وكأنه يوم مأساة، رغم قبول جميع أقارب ضحايا الإرث الإنساني بالعفو والصفح وأخذ المال مقابل الدماء، والتطبيل للحاكم مقابل العودة للوظائف والترسيم فى سلك الوظيفة العمومية، وحل بعض القضايا العالقة منذ سنوات الجمر.
(2) الاحتفال بالعيد فى الولاية الأولى، والقيام بعرض عسكرى من مدينة لعيون عاصمة الحوض الغربى إلى المقر المركزى للاحتفال بعاصمة الولاية (النعمة) من أجل إرسال رسائل مشابهة للجوار الإقليمي (جنوبا وشرقا) بأن موريتانيا واحدة لاتتجزأ، وأن الجيش الذى تمت هيكلته وتجهيزه وتسليحه مستعد للدفاع عن كل شبر منها، وليس فقط المناطق الشمالية ( رغم الخطر القائم حولها) كما فهم من رسالة العرض العسكرى بنواذيبو قبل أشهر.
وسيكون للإعلان عن الاستفتاء الدستورى والتقطيع الإدارى الجديد من الولاية الأولى أبلغ تأثير، كما أنه سيمنح بعض الموريتانيين فرصة للاحتفال بالعيد الوطنى أول مرة بطعم خاص ومميز، بعد 6 عقود من متابعة الاحتفالات السنوية بالاستقلال عبر الإذاعة أو التلفزيون.