نقوش على جدار المقاومة

1- أول من تنبه من العلماء إلى التهديد الأوربي الاستعماري وفق الوثائق المكتوبة (رسائل) وأشعار ومواقف متواترة ،هم: (الشيخ سيد المختار ،وإبنه الشيخ سيدي محمد وأبناءه سيد البكاي والشيخ سيدالمختار الحفيد ،والشيخ سيديا وإبنه الشيخ سيدي محمد واكتوشن العلوي).

2- أول مقاومة للفرسيين قام بها أمير الترارزة محمد لحبيب في منتصف القرن التاسع عشر، حيث استهدف الوجود الفرنسي في الضفة اليسرى وتحديدا في سان لويس .وكذلك فعل أمير البراكنة محمد اعلي.رحمهما الله .
3- لو اهتم أمراء تلك الفترة بالتسيلح ،وتم التنسيق مع أمراء الجهاد ،مثل الحاج عمر الفوتي ،ولاحقا محمد الأمين درامي لأمكن -ربما- عمل شيء مهم في مواجهة التمدد الفرسي.
4- عشية دخول الاستعماركانت إمارة الترارزة منهكة بفعل الصراعات الداخلية و تداعيات الصراع مع النصارى منذ عقود ،ومع هذا الوضع حدثت مقاومة في الترارزة (عمليات وشهداء ومهاجري)رغم البيئة غير المساعدة (أراضي مكشوفة ).

5- لم يقاوم الفولان والسوننكي عشية دخول الاستعمار بالزخم المطلوب .يعود ذلك إلى أن هذه المجموعات انهكتها الحروب مع النصارى قبل ذلك ، السونكي -بدرجة رئيسية - ضد الفرنسيين تحت راية المجاهد محمد الأمي درامي (ممدولمين) .،والفلان تحت راية الحاج عمر الفوتي وخلفاءه ضد الفرنسيين وقوى أخرى في مالي (وثنية ومسلمة).

6- كات المقاومة داخل منطقة الحوض محدودة ،،حصل ذلك بفعل تداعيات الحروب والصراعات وضعف الإمارة والأهم السيطرة الفرنسية على مالي لكحلة (كرطة وباغنه )حيث مصدر التموين الرئيس لساكنة الحوض,وكما كانت آدرار وتكانت عمقا لأرض الكبلة وانطلقت فيها مقاومة أشد ،كان أزواد عمقا طبيعيا للحوض وكان موطن مقاومة أكثر شراسة .(ومع هذا شارك أهل الحوض بقوة في معارك امتدت من لبيض وحتى انيملان بتكانت وسقط منهم شهداء كبار ،كما سجلت حالة من رفض التعامل مع النصارى، تمثلت في هجرة القظفيين بقيادة محمد الأمي ولد زيني القلمي ولاحقا عمليات أبناء عبدوكة...بالإضافة لموقف الشيخ حماه الله الممانغ ..).

7- حدثت مقاومة مهمة وعمليلت تصدي شجاعة في البراكنة ،لكن تكانت وآدرار لاعتبارات مختلفة (منها التضاريس ... ) شكلت موطن مقاومة مهمة وبطولية وذات روافد متنوعة اجتماعيا وجغرافيا (شاركت فيها قبائل الحوض والرقيبة)، وكات بقيادة أمراء وقادة كان بإمكاهم كسب الكثير من المصالح والأمتيازات لو تعاملوا مع النصارى الغزاة . لقد حصلت في هذه المناطق معارك مهمة وسقط شهداء (من أهل المنطقة وممن قاتل إلى جانبهم من خارجها )ودمرت مدن(الرشيد)،و صودرت ممتلكات وأرغم العشرات وربما المئات على الهجرة عن الأوطان.

8- مثل الساحل بفعل بطولة وفروسية رجاله وأيضا بفعل الفضاء الممتد وغير الخاضع للسيطرة وخطوط الإمداد المفتوحة ومصادر التسليح المختلفة حاضنة طبيعية للمقاومة ،ومصدر إسناد للجهاد حتى آخر لحظة. 
9- لعب الشيخ ماء العينين وأبناءه وزوايته دورا مشهودا في أعمال المقاومة واستخدم هذا الشيخ المبارك موقعه وعلاقاته لخدمة جهاد الفرنسيين بشكل أسطوري.

10- في موريتانيا حصلت مقاومة واسعة ومتنوعة في مختلف الجهات والمناطق ،ولكن الجميع في النهاية أيضا كاتب النصارى وتعامل معهم بفعل ميزان القوى المختل ،هاك من كاتب نظرا لاعتبارات رآها بشكل مبكر، وهناك من كاتب مكرها لاعتبارات توصل إليها .

11- صحيح تلبست المقاومة في بعض الأحيان بأعمال نهب وسطو ،ولكن لا يجوز التعميم ، وليس هذا مبررا للتنكر للمقاومة والسخرية منها والتقليل من شأنها .

12- موقف التعامل مع الصارى -لاعتبارات ومقاصد معينة - الذي ساد مختلف المناطق وصل في بعض المراحل والمنعرجات إلى مستوى الخيانة المكشوفة مدفوعة الثمن ،ولكن لايجوز التعميم ،ولا ينبغي أن نخلط أصحاب هذه المسلكيات بأصحاب الاجتهادات والرؤى ممن لايريدون من مواقفهم غير تحقيق المصالح ودفع المفاسد في واقع شديد التعقيد.

13- المقاومة لم تجد خلال العقود الماضية من عمر دولة الاستقلال ما تستحق من عاية(جمع تاريخها وتدوينه ،تكريم رجالها بالشكل المطلوب ،الموقع للائق بها في التعليم والاعلام والحياة العامة) لا يجادل في هذا الواقع المر إلا مكابر ،من هنا فإن أي لفتة ايجابية باتجاه المقاومة تبقى موضع ترحيب وتشجيع، ولكن ينبغي أن يكون هذا التوجه حالص النية والمقصد وطني الطرح ،موضوعي المعالجة ،يؤسس للمستقبل ولاينكأ جراح الماضي.