أجهز رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض محمد ولد مولود على " الميثاق الوطني" الذى جمعه برئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه،ورئيس الحزب الحاكم ساعتها ماء العينين ولد أييه، برعاية من وزير الداخلية الحالى محمد أحمد ولد محمد الأمين، بعد أربعة أشهر من تشكيل الحكومة الجديدة، وتعثر مسار "الميثاق" الذى تحفظت عليه قوى السلطة ورفضته أحزاب المعارضة بمجمل أطرافها السياسية.
غير أن "الميثاق الجمهوري" الذى راهن عليه قادته كممنصة لتعزيز موقعهم داخل المنظومة السياسية بموريتانيا، وطالبوا الأحزاب بالإلتحاق به والإنضمام إليه، ظل حبيس الدفاتر الموقعة فى ليلة خلافية بين رموز الأغلبية بقصر المؤتمرات بالعاصمة نواكشوط دون ان يتمكن أصحابه من تنزيله على أرض الواقع.
ومع ذلك ظل الميثاق الجمهوري حاضرا فى بعض أدبيات السلطة على استحياء، وشعارا ترفعه الأحزاب الموقعة له كمنجز يجب البناء عليه، وتحالف سياسى يحاول أصحابه الدفع باتجاه حراك داخلى يعيد رسم الخارطة السياسية بموريتانيا، وحسم العديد من الملفات الجوهرية، لكن موقف المناوئين له داخل السلطة كان أقوي، وتعاطيهم معه جمع بين الرفض بأدب والتجاهل فى الخطاب عن عمد، والتعامل معه كحلم متروك لليقظة من أجل التخلص منه بهدوء، وتجاوزه نحو مستقبل آخر لا مكان فيه للحجر على عقول الساسة أو اختطاف المنظومة التنفيذية دون إشراك الفاعلين الكبار فى رسم معالم المشهد المحتمل.
لم يعط رئيس تكتل القوي الديمقراطية أحمد ولد داداه للميثاق الجمهوري مايستحق من إهتمام بحكم وضعه الصحى تارة، والخلافات القائمة داخل حزبه فى أوقات أخري، رغم إصرار بعض رموز الحزب المقربين من الداخلية على التذكير به دائما ، والدعوة فى البيانات المكتوبة إلي تطبيقه وإطلاق الورشات المنصوص عليها داخل وثيقة قصر المؤتمرات اليتيمة.
غير أن الحكومة الجديدة تجاوزه فى الخطاب المقدم أمام البرلمان قبل أشهر، ولم يتطرق إليه رئيس الجمهورية فى خطاب الإستقلال بشكل يعيد له الحياة من جديد، لذا قرر أبرز مروجيه والمدافعين عنه محمد ولد مولود الإجهاز عليه بالضربة القاضية، وذلك بالتحالف مع شطر الحزب الشريك، أو بصغة أخري نفض يده من زعيم حزب التكتل أحمد ولد داداه والتحالف مع المنقلبين على خياراته ومواقفه، أو مايعرف بجناح المكتب السياسى للحزب المأزوم منذ سنتين.
وعمق ولد مولود موقفه برسم معالم جبهة جديدة لا يجمع بين أعضائها سوى الموقف الحاد من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى، وهو مايعنى بلسان الحال التخلص من مظلة الميثاق، والتأسيس لحلف جديد، يطمح أصحابه لمكاسب انتخابية فى حالة حل البرلمان والمجالس المحلية بعد أشهر، ويضعون قدما فى الرمال المتحركة قبل 2029 ، والتى بدأت بعض الأطراف المعارضة تنظر لها، وتدفع بعدد من الخيارات المحتمل ترشيحها قبل اقتراب الحدث ذاته، تفاديا لترك الساحة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ومعسكره من أجل تقرير مصير البلد فى نهاية المأمورية الثانية دون إشراك أهل الطموح من رجال المال والسياسة والأمن فى عالم بات الجميع فيه يتنفس السياسة، ويطمح كل فرد فيه لملإ موقع أكبر من حجمه المعتاد أو المتخيل وفق موازين الحياة السياسية الطبيعية.
لم يقدم أصحاب الطرح الجديد أنفسهم كتحالف انتخابى، بل تقدموا للرأي العام كقوة سياسية معارضة معنية بتعزيز الجبهة الداخلية ضد الأخطار المحدقة بالبلد، وإطلاق حملة سياسية وإعلامية لتعبئة الرأي العام ضد المخاطر القائمة فى الداخل والخارج، والسعي لإقناع المعارضة بالإنضمام للتحالف الجديد، وهو أمر يمكن تصنيفه ضمن دائرة المستحيل، بحكم المعروف من مواقف الأطراف السياسية الأخري من قادة التشكلة الجديدة، حيث يستحيل قبول رئيس حركة إيرا بيرام ولد أعبيدي بالدخول فى حلف يقوده العيد ولد محمدن، ومن المستحيل قبول أحمد ولد داداه ورفاقه بالخضوع لإرادة المختار ولد الشيخ ورفاقه المنشقين عن حزب التكتل، ومن غير الوارد قبول جزب التجمع الوطني (قائد المعارضة الديمقراطية بحكم الدستور والواقع الإنتخابى) بالتخلى عن موقعه والإنقياد لحزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود غير الممثل بالبرلمان أو المجالس الجهوية والمحلية.
ورغم أن التحالف الجديد أعلن كتيار محلى يريد تقوية الجبهة الداخلية ويحذر من المخاطر المحدقة بالبلاد، إلا أن رموزه أختاروا فتح أبرز حلقات التاريخ الموريتانى ظلامية (أحداث 89-91) معلنين أنها لاتزال دول حل، رغم كل الحلول السابقة التى مجدوها وشارك بعضهم تارة فى وضع الحلول لها.
وقد عزز المشاركون فى التحالف عريضتهم الجديدة بتوقيع بعض الحركات السياسية غير المرخصة والكيانات الحزبية قيد التأسيس، وبعض المنتديات الشبابية بموريتانيا.