رسائل ود متبادلة بين الإسلاميين والسلطة فى موريتانيا

أظهرت الأنشطة الأخيرة للتيار الإسلامي بموريتانيا وجود رسائل ود بين متبادلة مع النظام، رغم تمترس حزب تواصل داخل المنتدى الوطنى للديمقراطية والوحدة المعارض، ووجود أطراف داخل السلطة ترفض أي تقارب بين الطرفين، ضمن حسابات محلية بالأساس.

التيار الإسلامي  الذى رحب بعض أطره بمخرجات الحوار الأخير، لما تضمنته من معطيات يمكن التأسيس عليها، وتصريحات الرئيس المؤكد لمبدء احترام المواد المحصنة فى الدستور ، لاتزال مواقفه من الدستور المعدل وآليات التعديل والاستفتاء يشوبها الكثير من الغموض، رغم أن الراجح لدى أبرز الفاعلين فيه هو المقاطعة دون نشاط للاستفتاء المنتظر، والمشاركة دون تحفظ فى المخرجات المتوقعة للحوار، وخصوصا ماتعلق منها بالانتخاب.

 

موقف يشترك فيه الحزب مع آخرين فى المعارضة المناوئة للرئيس، ويختلف فيه جذريا مع أطراف أخرى لاترى للأزمة الحالية من مخرج سوى خروج الرئيس، وهو مطلب أقر قادة تواصل بفشله، بل إن المعطيات الخارجية قد تكون عززت من قناعة البعض بضرورة تجاوز الأزمة الحالية بحلول وسطى، تضمن تعزيز الديمقراطية وتحفظ للآخرين الحق الذى أكتسبوه عبر الانتخابات، حتى ولو كان البعض يشكك فى نزاهة وجدية الاستحقاق الأخير.

 

السلطات الموريتانية بدت خلال الفترة الأخيرة مرنة دون تفاوض أو حوار مع الحزب الأول داخل المعارضة الموريتانية، ملقية ببنود داخل سلة المخرجات قد تضمن للإسلاميين مكانة مريحة فى صدارة المشهد العام، وتعزز مما اكتسبوه عبر صناديق الاقتراع من مكاسب سياسية هى الأهم فى مسارهم المعاصر بموريتانيا.

 

لكن ذروة الرسائل الإيجابية كانت واضحة للعيان خلال المؤتمر الأخير للرباط الوطنى لمقاومة الاختراق الصهيونى وللدفاع عن القضايا العادلة الذى حول موريتانيا بالفعل إلى دولة تتصدر الفعل المناوئ للمد الصهيونى بالمنطقة الإفريقية، وهو أحد وعود الرئيس للقادة العرب فى مؤتمر الجامعة الأخير، وأحد أبرز مرتكزات الخطاب الذى ألقاه فى افتتاح القمة وتلقفه الشارع العربى بقدر كبير من الارتياح، لقد حققوا للرجل وعدا لم تبذل فيه خارجيته أدنى جهد، ورفعوا عنه الحرج فى وقت تتخبط فيه مصالحه الإدارية لتجاوز الأزمة المفتعلة من طرف باريس والرباط.

 

لقد أظهر التيار الإسلامي – عبر النشاط- ديناميكية كبيرة تجاه الواقع فى فلسطين، ومكانة أكبر فى القارة السمراء، عبر مشاركة 14 وفد من الدول الإفريقية ، والاجتماع لأول مرة من أجل تعزيز الجهد المبذولة تجاه الأقصى، واستشعار خطر الكيان الصهيونى والوقوف فى وجه مساعيه الرامية إلى اختراق القارة السمراء، أو تحييدها عن الصراع المتنامى بفعل قوة  الظلم الممارس على الأرض، وصلابة الموقف المقاوم كذلك فى فلسطين.

 

بل إن ضيوف المؤتمر – ودون امتعاض من الإسلاميين- بالغوا فى إطراء الرجل الذى طرد السفارة العبرية من موريتانيا، ودعا بعضهم إلى تحويل يوم 21 مارس إلى يوم عيد للمقاومة والرفض.

 

وكان لتعاون الجهاز التنفيذى والأمنى بالغ الأثر فى نفوس الإسلاميين الذين عبروا على لسان رئيس الرباط عن شكرهم للإدارة والأجهزة الأمنية على الدور الذى قاموا به، لقد تعاملت السلطة بعقلانية مع المشهد، تكريم لضيف المؤتمر الكبير "أسامة حمدان" عبر منحه سيارات تابعة للرئاسة من أجل التنقل، وتأمينه من قبل عناصر من جهاز أمن الدولة، وتسهيل إجراءات دخول الوفود الإفريقية إلى العاصمة نواكشوط، فى ظرفية بالغة الحساسية بفعل التحذيرات الغربية من مخاطر اختراق ممكنة للبلد من طرف الجماعات الإرهابية، ومنحته حق تنظيم الأنشطة فى قصر المؤتمرات والساحات العامة مع تأمين لها، وهو جهد عبر ولد الحاج الشيخ عن تثمينه له وشكره للقائمين عليه.