منذ عدة أسابيع يتسابق بعض "الكتاب"؛ من خلال مواقع مختلفة يجمع غالبها القرب من جهات معارضة معروفة، للنيل من المصالح الحيوية للدولة الموريتانية، من خلال استهداف سمعة ومكانة عمدة بلدية الزويرات السيد الشيخ ولد بايه، حيث وجهت صوبه الكثير من السهام التي لا تجد مبرراً واحداً يشفع لتوجيهها لهذا الرجل.
ندرك جيداً أن نشر هذه الحقائق لإنارة الرأي العام، ومقاسمته الحقيقة التي اطلعنا عليها عن قرب، قد لا يروق للبعض، ولكن ما يهمنا هنا أن نكتب الحقيقة كما هي، ولا يهمنا فوق ذلك كله أن تتسبب هذه المعلومات في غضب بعض المتنفذين من "رجال الأعمال" الذين يريدون تشويه صورة الرجل، ليصنعوا من ذلك جسراً يصعدون من خلاله على حساب الدولة الموريتانية ومصالحها الحيوية.
ولكي نفهم جيداً أن هذه الحملة لا تستند في الواقع إلى أي مبرر وجيه، مهما كان ضعفه، دعونا نتعرف على الأمر السخيف الذي اتخذه المهاجمون سبباً لتوجيه سهامهم إلى هذا الرجل، دون أدنى وجه حق، ومن خلاله التشويش على أجواء تجديد اتفاقيات الصيد مع الاتحاد الأوروبي، والتي انتزع من خلالها لصالح موريتانيا حصة تضاهي ما غبنت به منذ الاستقلال.
***
يتخذ جنود هذه الحرب المعلنة على مصالح الدولة الموريتانية والمشرفين على حمايتها، من تصريحات أدلى بها العمدة أثناء حملة الانتخابات البرلمانية والبلدية قبل أكثر من عام من الآن، وسيلة للتهجم عليه محرفين كلامه عن موضعه، عن سبق سوء نية وترصد، وذلك من خلال بث شريط فيديو مصور يظهر فيه العمدة أثناء مخاطبته لأنصاره في الحملة الانتخابية آنذاك؛ حيث أبدى الرجل -عكساً لما يخالفه فيه الكثير من المسؤولين- صراحة وشفافية وعفوية لا تضاهى في كشف مصادر تمويل حملته الانتخابية.
والغريب أن الأشخاص الذين يخوضون هذه الحرب اليوم على ولد بايه عمدوا في مقالاتهم إلى تزوير الحقائق، لينسبوا للرجل ما لم يقله، ويتهموه زوراً وحيفاً بما لم تقترفه يداه!
يدعي هؤلاء الكتاب أن ولد بايه اعترف "باستحواذه على المليارات من المال العمومي"، محرفين كلامه عن حقيقته وسياقه، ولا غرابة في ذلك، لأن من لم يستطع أن يلتزم الصدق في نقل حقيقة فيديو منشور يراه كل الناس، لا يمكنه أن يتحرى الصدق ولا الأمانة في اتهاماته للآخرين!
وبدلاً من النظر إلى الجزء المليء من الكأس في كلام ولد بايه، ركز مناهضوه وخصومه السياسيون الذين يقفون وراء هذه الحملة، بعد فشلهم في نيل ثقة ناخبي المدينة المنجمية، على محاولة إفراغ الكأس من حصيلة خدمة وحماية المصالح الحيوية لموريتانيا!
فلماذا يتم مثلاً تجاهل ما ورد في كلام الرجل عن تشغيل أكثر من 2400 جندي موريتاني متقاعد، وبالتالي إعاشة أكثر من 2400 أسرة موريتانية على الأقل؟
ثم إن ولد بايه ذكر في الشريط المصور أنه خلال الفترة التي تولى فيها المسؤولية عن مؤسسة الرقابة البحرية استطاع أن يجني الكثير من المداخيل التي ذهبت إلى خرينة الدولة، بينما استفاد هو والعاملون معه من هذه الأموال، وفقا لنسبة محددة يكفلها لهم القانون، ولم يتحدث عن نفسه دون الآخرين كما روج لذلك مهاجموه، تحريفا للكلام عن موضعه، بل تحدث بضمير الجمع "نحن" وأوضح بالقول والنص أنه يقصد نفسه والعاملين معه الذين يصل عددهم إلى حوالي 700 شخص وضعوا في ظروف ترفعهم عن تلقي الرشوة في أعماق البحار حمايةً لثروتنا السمكية ومحافظة عليها لأجيالنا القادمة.
وقد قال العمدة في كلامه إنه والعاملين معه استفادوا جميعا من نسبة يكفلها لهم قانون التحصيل، بعدما استطاعوا تحصيل غرامات مالية على المخالفين لقوانين ونظم الصيد من الأجانب؟ فأين يمكن أن يلام الرجل في ذلك؟ وما السر وراء قلب الحقائق والمعايير في هذا الشأن؟ خصوصا أن الامتيازات المترتبة عن مجهود تحصيلي للخزينة العامة آلية تكرسها جميع القوانين عبر العالم للكثير من القطاعات؛ الجمارك، المالية، خفر السواحل، الأطباء الجامعيين... إلخ
فلماذا يتم الهجوم على ولد بايه بسبب شفافيته؟ وهل يدفع ولد بايه فعلا ضريبة صراحته وعفويته وشفافيته؟
مغالطات تستهدف المصالح الحيوية للدولة الموريتانية
يعلم الجميع أن ولد بايه عندما استلم مسؤولية الرقابة البحرية كانت الدولة الموريتانية لا تستفيد سنويا إلا ما يقل عن 400 مليون أوقية من عائدات مخالفة نظم الصيد البحري، بسبب انتشار الرشوة في صفوف المراقبين، ومنذ تولي ولد بايه لهذه المسؤولية صارت خزينة الدولة تستفيد سنويا ما لا يقل عن 9 مليارات أوقية، كعائدات من الغرامات التي تفرض على مخالفي نظم الصيد من الأجانب؟
لماذا لا تتم الإشادة بهذا المجهود بدل شن حرب لا مبرر لها على الرجل الذي سعى إلى حماية الثروة السمكية، في الوقت الذي كانت تنهب فيه من خلال رشوة بعض المراقبين بمبالغ زهيدة بالمقارنة مع ما باتت الدولة تستفيده من أي مخالفة، مما ساعد في النهاية على احترام قوانين الصيد وحماية ثروتنا السمكية.
وهنا لابد أن ننبه إلى أن هناك مغالطة أخرى حاول مهاجمو ولد بايه نشرها وهي أنه جمع ماله من الثروة السمكية، وهي مغالطة كبيرة؛ حيث أن كل ما استفاده الرجل مع العاملين معه كان مصدره الغرامات التي يحصلونها من تطبيق قانون المخالفات على الصيادين الأجانب، حماية للثروة السمكية وليس نهبا لهاً، ولا علاقة لذلك بعائدات الثروة السمكية نفسها.
ولا يخفى على أحد أن المحفزات التي يحصل عليها كل المحصلين قانونية وشرعية وهي موجودة في جميع وظائف الدولة، فلماذا يريد البعض تحريمها على ولد بايه؟؟؟
وهذه المحفزات يقرها المرسوم 89/100 الصادر بتاريخ 26 يوليو 1989، المعدل بالمرسوم 96/033 وكذلك 053/2009.
ثم إن الأهم عند الدولة هو فرض سيادتها علي مياهها و حماية ما تبقي من ثروتها السمكية من نهب الأساطيل الأجنبية و هذا ما حصل بالفعل.
ليس كما يظن البعض مبلغ الغرامات الذي لا يبرمج في الميزانية لأنه تافه إذا قرن مع العوامل الاقتصادية .
و لكن إذا كان الأهم عند البعض هو 3 مليارات أوقية لخفر السواحل وبموجب مرسوم يجب على الأقل مقارنتها مع المداخيل المالية لسنة من السفن الأجنبية وحدها وهي كالتالي:
40 مليار من السفن الأوروبية
14 مليار أوقية من الأسطول السطحي الحر
مليار أوقية للصيادين الموريتانيين من الأخطبوط
مليار أوقية أيضاً من السردينلا
و هذا كله حصيلة مباشرة أو غير مباشرة للبروتوكول مع الاتحاد الأوروبي الذي كان الشيخ ول بايه رئيس المفاوضين الموريتانيين فيه.
من هنا، لا يمكن لأي مكابر أن ينكر دور الرجل في إصلاح هذا القطاع وتنظيفه، وخير دليل على ذلك نجاحه الباهر في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، ونجاحه في حماية الثروة السمكية ومضاعفة عدد العمال الموريتانيين فيها من 18% إلى أكثر من 60%، وحماية الأخطبوط وبقاءه حكرا للصيادين الموريتانيين، إلى غير ذلك من الإصلاحات المهمة، والتي تخدم مصلحة موريتانيا، فكيف يهاجم من يقوم بكل هذه الإصلاحات، خاصة وأن الرجل يقود حاليا مفاوضات موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي، فلمصلحة من يتم تشويه صورته في هذا الوقت بالذات؟ وأين هي الغيرة على الوطن من ذلك؟
لا شك أن الأمر بات واضحا الآن، إذ لا يمكن أن يقف وراء هذه الحرب المفتوحة على الرجل في هذا الوقت بالذات سوى بعض المتضررين من "رجال الأعمال" الذين تعودوا نهب الثروة السمكية بالتواطؤ مع ملاك البواخر الأجنبية التي كانت تكتفي بدفع رسوم دخول المياه الموريتانية والصيد كما يحلو لها، والآن أصبحت ملزمة بدفع مستحقات جبائية للخزينة العامة عن كل طن من السمك تصطاده داخل المياه الموريتانية، أو بعض خصومه السياسيين الذين وجدوا الفرصة الآن مواتية لطعن الرجل من الخلف، وهو الذي يحتمل ترشحه لجمعية العمد الموريتانيين.
فبعد أن فشل خصومه في اتفاقيات الصيد وفشل خصومه السياسيون في الزويرات وأنواذيبو أمام صناديق الاقتراع، هاهم يعودون من الخلف بتلفيقات واهمة لمحاولة قلب الموازين لصالح جهات لا تخدم البلاد ولا مصالحها العليا بكل تأكيد.
والسؤال المطروح دائماً بعد أن اطلعنا على كل هذه الحقائق هو لمصلحة من تشن هذه الحرب على ولد بايه؟
محمد ولد أندح