خمسة امتار في آديس وخمسون في الكركارات

تمتاز القضية الصحراوية بديناميكية كبيرة حاليا ، يكسب فيها الصحراويون ساحات متعددة ففي حين اعلنت محكمة العدل الاوربية نهاية ديسمبر الماضي بصورة واضحة بعد مسار قضائي طويل ان ادراج سمك الصحراء الغربية في اتفاقيات يبرمها الاتحاد الاوربي مع المغرب باطل وان الشعب الصحراوي من خلال ممثله الشرعي والوحيد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هو المخول الوحيد قانونا ببيع خيراته من اسماك وغيرها .

وهو قرار مهم فتح الباب واسعا امام الصحراويين لحماية خيرات ارضهم ، كما انه يمنع المغرب او على الاقل يصعب عليه حاليا استغلال خيرات الصحراء الغربية .

فان دولة اوربية مهمة هي اسويسرا قبلت انضمام الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كعضو في اتفاقيات جنيف وابلغت بذلك كل الاعضاء حسب ما يقتضيه القانون

ومن المعروف ان هذه الاتفاقيات لا تقبل فيها الا الدول المستقلة او الحركات التي تناضل ضد الاستعمار .

كما ان المعركة الكبيرة التي خاضها المغرب من اجل الانضمام الى الاتحاد الافريقي الذي كان قد انسحب سنة 1984 من سلفه منظمة الوحدة الافريقية واصفا اياها بمهرجان الطبول ، برهنت الى حد كبير على عدالة القضية الصحراوية وقوتها ، فاذا كان المغرب قد ضرب الباب سنة 1984 على القادة الافارقة المجتمعين في قاعة صغيرة في آديس ، فانه حاليا ظل واقفا امام القاعة الكبيرة في مقر الاتحاد الافريقي الجميل الذي اصبح احد معالم العاصمة الاثيوبية ويرفرف على راسه العلم الصحراوي ينتظر من القادة الافارقة السماح له بالدخول دون اي شروط قابلا الجلوس مع الدولة الصحراوية مقدما كل الشروط التي طالبته بها المفوضية السامية للاتحاد الافريقي ، فكيف يمكن فهم كل هذه "التضحيات" من طرف المغرب الذي ظل الى وقت قريب قمة مالابو الاخيرة يرفض الجلوس مع الجمهورية الصحراوية حيث انسحب احتحاجا على وجود العلم الصحرواي وشعار الدولة الصحراوبة يجر وراءه البترو دولار الخليجي ولكن لم تنسحب معه دولة افريقية واحدة وهو المنهي توه جولة افريقية طويلة عريضة .

 

ماذا تغير حتى يجتمع البرلمان المغربي بغرفتيه ويصادق على ميثاق الاتحاد الافريقي الذي يتضمن البند الرابع منه الاعتراف بحدود الدول الموروثة عن الاستعمار , ويضم اسماء وخرائط الدول الاعضاء الاربع والخمسين بما فيهم طبعا الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية، ويقدم ملفا بحدوده الدولية المعروفة ، ومن المعروف انه ليست هناك دولة واحدة في العالم تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية ، كيف ابتلع البرلمان المغربي الميثاق الافريقي دون ان ينبس بكلمة واحدة ، يبدو ان المتغير الوحيد الذي فرض كل هذا على المغرب _ وهو يعرف انه في الجولة الاخيرة من الصراع _ هو تاكده بعد ما يزيد على اربعة عقود من صلابة وتماسك الشعب الصحراوي ونضاله المستمر وخاصة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية حيث اشتدت انتفاضة الاستقلال وتزداد يوما بعد يوم قوة و اشتعالا .

 

كما ان وقوف قوات الجيش الصحراوي البطل في الكركرات على بعد خمسين مترا من الجيش المغربي فارضة عليه التوقف الفوري عن ما كان يقوم به والتراجع الى جحوره ذلك هو ما فرض على ملك المغرب ان يجلس على بعد خمسة امتار من الرئيس الصحرواي السيد ابراهيم غالي في قمة آديس ابابا الاخيرة ربما يكون ملك المغرب قد استوعب المثل الافريقي الذي يقول : رجل واحد يمكن ان يطلق الحرب ولكن لصنع السلام لابد من رجلين .

 

يحي ولد أحمدو