هل تخطط باريس لمواجهة عسكرية مع الجيش الموريتانى؟

تعيش الحدود المالية الموريتانية المشتركة منذ أسابيع على قع عمليات مستفزة للجانب الموريتانى من طرف قوة "برخان" الفرنسية العاملة فى المنطقة، ودون أدنى تنسيق مع القوات المسلحة الموريتانية المنتشرة على الحدود، أو تفاهم بشأن القرى والآبار المستهدفة من قبل الفرنسيين.

ورغم أن المنطقة المذكورة لم تشهد أي عملية عسكرية ضد الجيش المالى – غير الموجود بها أصلا- أو القوات الفرنسية التى تدخلها لأول مرة، إلا أن سلوك الفرنسيين المستفز يطرح أكثر من سؤال حول أهداف العملية الأخيرة وحقيقة ضحاياها، وموقف الدولة الموريتانية والمالية من عربدة الفرنسيين فى القرى التى ينتمى أغلب سكانها إلى الجانب الموريتانى، ولديها ارتباطات جغرافية بالمناطق الموريتانية المتاخمة للحدود المالية.

أغلب المناطق المذكورة محل جدل فى الأصل بين الحكومة المالية الغائبة عنها والحكومة الموريتانية الطامحة فى تسيير شؤونها،بينما تحاول القوات الفرنسية فرض منطق آخر مستعينة ببعض جنود الجيش المالى لتشريع عملها فى المنطقة والإيحاء للرأي العام الدولى بأنها مناطق مالية خطرة، فى ظل العجز عن وقف حراك الجهاديين نحو الجنوب والوسط بل ودول الجوار الإفريقي الذى بات مسرحا لعمليات القاعدة والدولة الإسلامية فى الفترة الأخيرة.

آخر العمليات الفرنسية المستفزة تمت فى منطقة "حاسى أجعافره" وهي منطقة حدودية غير مرسمة، لكن بحكم الامتداد العشائرى لسكانها داخل الأراضى الموريتانية أستفادت خلال الفترة الماضية من بئر ارتوازي ومدرسة ابتدائية تدار من مفتشية التعليم فى باسكنو، ويرتبط سكانها بمقاطعة باسكنو بشكل كبير.

بعض المهتمين بشأن المنطقة يصفون سلوك الجيش الفرنسى بأنه رد مستفز على بيان الجيش الموريتانى الذى نفى فيه أي جهد للفرنسيين فى تأمين البلد، وأتهم وزارة الدفاع الفرنسية فيه بالكذب حينما أدعت أن قوة "برخان" نفذت عدة عمليات فى النيجر ومالى وموريتانيا وبوركينا فاسو وأتشاد، ضمن حراكه الساعى لتعزيز أمن المنطقة، بينما يرى فيه آخرون محاولة من القوات المالية والفرنسية لترسيخ الصورة المتداولة فى باماكو عن وجود ملاجئ آمنة للقاعدة وماسينا على الحدود الموريتانية، فى محاولة لتبرير التقصير الذى ظهر جليا فى تفجير باماكو وغاو، والعمليات اليومية ضد القوات الإفريقية والغربية فى منطقة "تيمبكتو".

وبغض النظر عن أهداف العمليات الأخيرة على الحدود، إلا أنها زادت من حرج المؤسسة العسكرية بموريتانيا، وربما تدفع لصدام بين الجيش الموريتانى ونظيره المالى الذى تدفع به باريس قفاز فى أي عملية عسكرية تنوى القيام بها فى المنطقة، مكتفية ببضع آليات محصنة وبعض الطائرات المقاتلة لتأمين المجال الذى تتحرك فيه، كما أنها تكشف عن هشاشة الوضع على الحدود وإمكانية انفجاره فى أي لحظة.