أحدثت تصريحات النائب البرلمانى عن حزب الكرامة الداعم للرئيس كان مصطفى ضجة كبيرة داخل البرلمان بعد انتقاده للتركيبة الحالية للجيش الموريتانى، وهو القادم من ولاية كوركل بدعم من ثلاثة من قادة الأركان ينتمون لنفس المنطقة خلال انتخابات 2013.
كان مصطفى المدعوم من حلف كبير داخل الأغلبية، سمح له هو ورفاقه داخل التحالف المذكور بالترشح من خارج حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ونشط قادة الأركان إلى جانبه، ودعمته وزيرة فى التولفة الحكومية الحالية بدعم من الرئيس ذاته، فى محاولة لقطع الطريق أمام أي انشقاق محتمل داخل الأغلبية، ومنح الكتل المتنافرة فرصا متساوية للولوج إلى المناصب الانتخابية عبر دوائرها الداخلية، دون الانحياز لطرف منها، أو معاقبة آخر على ضعف انضباطه الحزبى، مادام محتفظا بولائه للرئيس والمشروع الذى يتبناه.
لكن النائب مصطفى كان خرج عن سياق التحالف المذكور أو خرج التحالف عن خط الرئيس، بعد تقاعد الضباط الثلاثة الذين شكلوا حلقة وصل بين نظام ولد عبد العزيز والزنوج الفاعلين فى المسرح السياسى بالضفة، وسط حالة من الشحن غير مسبوقة داخل البرلمان.
لقد بدت صورة المشهد جد مضحكة، فالنائب الداعم للرئيس فى مواجهة الأغلبية، والنائب المعارض للرئيس فى صف داعميه لأسباب شرائحية بامتياز، فى جو لم يشهده البرلمان منذ فترة.
لم يصدر أي تصريح عن حزب الكرامة، ولم يتخذ أي إجراء ضد النائب الذى ينتمى إليه، رغم أن الدولة العميقة حلت حزب "العمل من أجل الوحدة" بقيادة مسعود ولد بلخير 2001 بتهمة التحريض الشرائحى داخل البرلمان، واستغلال أجواء الحرية للمس من وحدة البلد وانسجام مكوناته العرقية، قبل عودة الرجل لحضن النظام التقليدى الذى ظل ينتقده ويعمل من أجل تحييده عن واجهة الفعل السياسى بموريتانيا.
لقد أظهرت الضجة الأخيرة ضعف انسجام الأغلبية الداعمة للرئيس، واحتفاظ أغلب المنضمين إليها بمواقفهم السابقة، فى انتظار فرصة للخروج من بوتقة الدعم المطلق، إلى تبنى الخطاب المقنع حليا للأطراف القبلية أو الفئوية أو الجهوية الحاضنة لأي سياسى يحاول الاستمرار فى المشهد المنكوب بموريتانيا، والعمل من أجل استعادة المشروعية السياسية بدعم الجهة والفئة والقبيلة، كلما أحس بقرب زوال النظام أو حدوث تغيير فى هرم القيادة يستوجب التحفظ.
وكان عدد من رموز حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سابقا قد أبلغوا موفد الحزب ساعتها اسلكو ولد أحمد أزدبيه، رفضهم للخيار الذى تبناه رئيس الحزب محمد محمود ولد محمد الأمين، وقرروا التصويت في الانتخابات البلدية للائحة حزب الإتحاد بقيادة العمدة تومبي، بينما قرروا التصويت في النيابيات لمرشح حزب "الكرامة" الوزير السابق كان مصطفى.
وقد ضحى ولد عبد العزيز بنائب الاتحاد من أجل الجمهورية يحي كان، الذى عينه فى منصب وزير ثم أقاله، لإفساح المجال للوزيرة كمب با وحليفها كان مصطفى، الذى بات اليوم أول نائب من الأغلبية يهاجم الرئيس والجيش ويتهم بالعنصرية بشكل صريح.