شكل إعلان الرئيس محمد ولد عبد العزيز يوم الثالث من مايو 2016 عزمه إلغاء مجلس الشيوخ الموريتانى واستحداث مجالس جهوية، بداية أول تمرد داخل الأغلبية الداعمة له منذ وصوله إلى الحكم فى انقلاب عسكرى 2008 ، مهدت له الأغلبية البرلمانية داخل مجلس النواب.
الرد على تصريح الرئيس ترجم فى تمرد داخل المجلس قاده عدد من رموز الأغلبية، معلنين عن تشكيل لجنة أزمة والدخول فى مواجهة مع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وبعض أعضاء الحكومة.
رئيس المجلس محسن ولد الحاج الذى غاب عن تشكلة اللجنة شكل الواجهة السياسية الفعلية للتمرد البرلمانى، وقرر أخذ مواعيد متتالية لأعضاء المجلس بالتزامن مع التوقيت الذى حدده حزب الاتحاد من أجل الجمهورية للشيوخ المحسوبين عليه من أجل نقاش الخلاف الدائر والخروج من السجال عبر وسائل الإعلام إلى مصالحة داخلية، مع تأكيد الحزب العلنى دعمه للمقترح الذى تقدم به الرئيس بشأن المجلس والمجالس الجهوية والعلم.
محاولة لم يكتب لها النجاح، حيث لم يستحب لدعوة الحزب سوى تسعة شيوخ هم :
شيخ مقاطعة شنقيط سيدنا ولد الشيخ
شيخ مقاطعة أوجفت يحي ولد عبد القهار
شيخ مقاطعة تمبدغه لبات ولد حيبلله
شيخة نواكشوط الرفع بنت أحمد نلله
شيخة السبخة رابى حيدره
شيخة بير أم أغرين السالمة بت علوات
شيخ مقاطعة الطينطان شيبة ولد خوياتى
شيخ مقاطعة النعمه أيده ولد مولاي
شيخة نواكشوط المعلومة بنت الميداح
فى المقابل صعدت لجنة الأزمة المكونة من سبعة أشخاص من خطابها المناوئ للحزب والحكومة، وطالبت بتقديم اعتذار للشيوخ قبل نقاش أي مشروع، معتبرة أن الغرفة خدمت البلد أكثر من غيرها، وأن الإساءة إليها أمر بالغ الخطورة على النظام الديمقراطى وأن الحزب والحكومة كان عليهم احترام المنتمين إليها.
وضمت لجنة الأزمة المقربة من رئيس المجلس محسن ولد الحاج كلا من :
سيناتور باسكنو : الشيخ ولد حننا
شيخ كوبنى : حيمود ولد أحمد
شيخ بومديده : محمد سيد أحمد ولد محمد الأمين
شيخ ولاته : مولاي أشريف ولد مولاي ادريس
شيخ باركيول : سيدى محمد الطالب عبد الله
شيخ بوتلميت : القطب ولد محمد مولود
شيخ نواكشوط : موسي أفال
شيخ افديرك أجيه ولد الشيخ سعدبوه.
شيخ أكجوجت : الشيخ ولد محمد أزناكى
وتجاوزت اللجنة مسألة الخلاف مع الحزب والحكومة إلى الخلاف علنا مع الرئيس، وقالت فى بيانها المنشور بتاريخ 20 أكتوبر 2016 إن الدستور هو الوثيقة الأساسية، ويجب أن لايتم تعديله إلا لحاجة ملحة، وبإجماع سياسى، طبقا للمسطرة المنصوص عليها فى المادة 99، والتى تنص على أن أي تعديل دستورى يمر إلزاما بالبرلمان بغرفتيه لكى يتسنى عرضه على الاستفتاء أو المؤتمر البرلمانى.
وكان الشيوخ يلمحون إلى المتداول من الأخبار عن إمكانية لجوء الرئيس للشعب بشكل مباشر من أجل تمرير التعديل دون المرور بالبرلمان، متهمين أبرز منظرى الأغلبية والفاعلين فيها ( ولد محم/ ولد حدمين/ ولد بايه) بمحاولة وضع العربة أمام الحصان، وتجاوز البرلمان فى مسألة التعديلات الدستورية.
خطة نجح الشيوخ فى تمريرها بعد أن تم تحييد الحزب عن المواجهة، والإنحاء أمام رغبة الشيوخ فى تمرير التعديلات الدستورية عبر البرلمان، وتأكيد الرجل ذاته لمجمل أعضاء المجلس المنتمين للأغلبية ومعهم النواب فى اجتماع مصالحة أو عشاء مصارحة بأنه جزء مهم من الأغلبية، وأن التعديل سيمر عبر البرلمان، وأن الخيار المطروح الآن هو إشراكهم فى العملية السياسية، متعهدا باستمرار التشاور معهم أينما كانوا، ومطالبا رموز أغلبيته بالعمل من أجل تمرير التعديلات الدستورية والشركة فى صناعة القرار.
لم يكثر الطرف الغاضب من الكلام، وأكتفى البعض بالأكل والشرب ومراقبة سير الأمور، بينما حاول رئيس الحزب الحاكم سيدى محمد ولد محم والوزير الأول يحي ولد حدمين جسر هوة الخلاف بين المنظومة السياسية والتنفيذية، وأعضاء المجلس عبر الدعوة لحفل عشاء جديد.
دبلوماسية الحفلات لم تقنع محسن ولد الحاج ورفاقه، رغم حضورهم للدعوة التى وجهها الوزير الأول ورئيس الحزب، مستثمرين التطور الحاصل فى مزيد من العمل الميدانى، وربما التنسيق مع أطراف خارجية لها مصلحة فى تقويض مشروع التعديل الذى تقدم به الرئيس.
ومع طرح التعديل للبرلمان تعالت أصوات المدافعين عنه، ونزل الحزب إلى النواب من أجل حسم المعركة، بينما تولى الرئيس ذاته ملف مجلس الشيوخ، مسترضيا الواحد تلو الآخر، ومتعهدا بحل كل المشاكل المطروحة ( المعنوية والمادية)، ومعلنا رغبته الصريحة فى الحصول على أغلبية مريحة للمشروع الذى تقدم به للبرلمان، بحكم أهميته للشعب والدولة، بينما أكتفى الشيوخ بمنحه وعودا زائفة بعد أن أثبتت الصناديق أن الغضب فى المجلس أقوى من أن تكسره وجبات الوزير الأول ورئيس الحزب الحاكم أو وعود الرئيس بمزيد من الشراكة والدعم، وهم أول مدرك لنهاية دورهم فور إقرار التعديل.