الأمن يفضح سلوك بعض القائمين على وزارة الصحة.. حصري

ادت عملية نوعية قامت بها الشرطة قبل أيام إلي كشف وجه بعض العاملين في قطاع الصحة غير الأخلاقي، بعدما تمكنت عرفات (2) من فك لغز عملية سطو تعرضت لها العيادة المجمعة (اكلينيك) قبل سنة وثلاثة أشهر.

 

المنطقة الأمنية الثالثة تمكنت بعد متابعة أمنية دقيقة إلي القاء القبض علي عصابة تمتهن السطو المسلح علي المؤسسات العامة والخاصة، وسلب الأفراد بالشوارع، غير أن المفاجئة الكبيرة كانت فك شفرة أكبر عملية تمت بمركز "أكلينيك" الصحي في قلب العاصمة سبتمبر 2013، حيث تعاملت معها وزارة الصحة والأجهزة الأمنية ساعتها بكثير من الرعونة والجور.

 

بداية القصة..

 

كانت الساعة الثالثة فجرا حينما اقتحم أربعة شبان مكاتب العيادة المجمعة بنواكشوط، مستغلين بعض العصي والأسلحة البيضاء لتحييد الحارس الوحيد بالمنطقة.

 

كان الحارس الهارب من لدغ الباعوض داخل "الناموسية" لكنها حاول النهوض حينما باغته الشبان، قبل أن تقعده ضربة عصي علي الرأس، افقدته تركيزه والكثير من الدماء.

 

دخل الشبان بأريحية إلي المكاتب الإدارية بعدما شدوا وثاق الحارس، وحيدوه عن الصراخ ببعض ثيابه، مستغلين خلو المنطقة، بل والعاصمة عموما من أي حراك للأجهزة الأمنية بعد الثالثة في أكثر مشاهد الارتباك القائمة بنواكشوط.

 

تعرضت احدي الصيدليات داخل المقر للكسر، وأخذ منها اللصوص مبلغ 700 ألف أوقية، وتعرضت الصيدلية الثانية للكسر ومنها نهب اللصوص أكبر مبلغ 3 ملايين أوقية، وبعض الأمور الأخري.

 

كانت بالنسبة لهؤلاء ليلة العمر، أما بالنسبة للحارس ومسيري الصيدليات فقد كانت أسوء يوم في التاريخ، بفعل الظلم الذي تعرضوا له من قبل وزير الصحة وكبار معاونيه.

 

 

كيف تصرف الوزير؟

 

كانت العملية صادمة لجميع العاملين بالمركز الصحي، فالحارس الذي تعرض للضرب والتقييد هو اب للجميع بحكم أخلاقه، كما أن نهب الصيدليات كان أمرا متوقعا في ظل بطش اللصوص، وتحييد الحارس، وضعف المراقبة الأمنية.

 

تحرك المدير الجهوي للصحة ساعتها المصطفي ولد عبد الله لتسوية الأمر، من خلال علاج الحارس، وتعويض الصيدليات من ميزانية المخاطر المحتملة، غير أن لرأس القطاع رأي مغاير، إنه أسوء موقف تعرض له عامل بشركة خصوصية أو إدارة عمومية منذ استقلال البلاد 1960.

 

تم استدعاء مسيرة احدي الصيدليات، ومسير الأخري، وطلب منهم تعويض ما أخذه اللصوص أو مواجهة الوزارة التي قررت رفع دعوي قضائية ضد العاملين فيها، وهو ماشكل صدمة لهم ولأقاربهم الذين اضطروا – طبعا- إلي البحث عن ما يعوضون به للوزارة غير المحتسبة ما سرقه اللصوص من أموال رغم مرارة الموقف.

 

كان موقف الوزارة مسنود بتوجيه رسمي – بعد رواية غير دقيقة للأحداث-،وعجز الشرطة ساعتها عن توقيف الجناة أو فك رموز العملية، كما أن أهالي المسيرين يدركون بالطبع أن الوزارة تستغل رفضهم لأي وقوف أمام الشرطة في قضايا مالية لتبتزهم بغية تحصيل تلك الأموال.

 

باع أحد المسييرين منزله وترك أطفاله في العراء، ودفعت الآخر المبالغ عبر حساب العيادة المجمعية بالبنك الليبي سابقا، وقرر الجميع طي الصفحة في انتظار بارقة تعيد للموظف كرامته وللوزارة رشدها، وللشرطة قدرا من فاعليتها المفقودة.

 

خيط الأمل الرفيع

 

بعد سنة وثلاثة أشهر سقط أحد أفراد العصابة في قبضة الشرطة، أقر بدوره مع ثلاثة آخرين في العملية، وحكي تفاصيلها المملة، وأعاد تمثيل المشهد في العيادة ذاتها رفقة أربعة من عناصر الشرطة، وسط حالة من الفرحة بين الموظفين الذين صدمهم القطاع بتعامله غير المنصف مع العاملين فيه دون مراعاة للقيم الإنسانية المتعارف عليها.

 

ذكر اللص أن رفاقه سقط منهم اثنان في عملية سابقة، وهم الآن في السجن المدني، وأن الرابع لا يزال طليقا ينتقي ضحاياه بسهولة في أكثر من مقاطعة بنواكشوط.

 

فتح الملف أمام النيابة العامة، غير أن الأغرب هو تجاهل وزارة الصحة لمعطياته تماما، ورفضها لحد الساعة إعادة المبالغ المالية التي سلبتها من فقراء موظفيها، وعدم جنوح العاملين في القطاع للاعتذار لمن اتهموهم في أعراضهم، وسرقوهم قوت أطفالهم، وشردوهم من منازلهم التي بنوها علي مدار سنوات من الكدح والحرمان!.

 

لقد كانت حادثة صادمة لبعض الأسر، لكنها كشفت وجه بعض العاملين في قطاع الصحة بموريتانيا، وسوء أفعال البعض تجاه العاملين معه.