حراك الشيوخ بموريتانيا .. استهداف للرئيس أم تفعيل للعمل الرقابى؟

تصاعدت وتيرة التوتر بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأعضاء المجلس المحسوبين عليه خلال الأشهر الأخيرة بشكل لافت، رغم حرص مجمل المتحدين من شيوخ الأغلبية والمستقلين على التمسك بدعم الرجل، مع تسفيه أحلامه وقراراته فى مشهد غير مألوف فى الحياة السياسية منذ عقود.

وباتت خرجات الشيوخ المنتظمة محل تصعيد مستمر، فمن الرفض الخجول للتعديل الدستورى إلى اتهام الرئيس وبعض رموز الأغلبية الداعمة له بالتخطيط لقتل الحياة السياسية وتعطيل الدور الرقابى للبرلمان، وتوسيع الفجوة بين أبناء الشعب الواحد، والدفع باتجاه تعديلات دستورية لاتخدم المصلحة العليا للبلد.

غير أن الأمور تطورت خلال الأيام الأخيرة، حيث أنتقل الشيوخ من رفض قرارات الرئيس والدعوة للحوار، إلى التحرك من أجل وقف تلك القرارات واستهداف معاونيه، فى محاولة لإرباك الرجل قبل التعديلات الدستورية، وتأزيم الموقف والدفع باتجاه "حوار إذعان" جديد داخل البلد، يقوى من مكانة الغرفة فى الحياة السياسية وينهى صورة الرئيس فى عيون معاونيه ومعارضيه.

ومع بداية الدورة البرلمانية كشفت الغرفة عن تصعيدها المعلن ضد الرئيس ومعاونيه، حيث أعلن أحد أعضاء المجلس البارزين عزم الغرفة تقديم طعن فى قرار الحكومة الداعى للإستفتاء فور التوصل به، وعرض الأمر على الجهة ذات الاختصاص من أجل وقفه والضغط باتجاه حوار جديد.

ولم تقطع الغرفة الصلة بالرئيس مباشرة، فقد تمسك أعضائها بتقديم رسالة نصح وتنبيه للرئيس من أجل حمله على الإذعان لمطالبهم ، ووقف الإجراءات الحالية والدعوة لحوار جديد لاتكون قضية حل المجلس أبرز القضايا المطروحة فيه.

ولم يتوقف مسار الشيوخ عند رفض القرار والطعن فيه ونصح الرئيس، بل إن الغرفة تحضر لجرجرة بعض معاونى أمام مكاتب الغرفة، فى مشهد يذكر بما آل إليه وضع زوجة الرئيس الأسبق سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله ابان الانقلاب العسكرى سنة 2008، حينما تم توظيف ملفي الفساد والزبونية فى صراع العسكر والنخبة المدنية المناوئة له.

أطراف السلطة الفاعلة بموريتانيا ألزمت الصمت تجاه الحملة المتصاعدة للشيوخ، وأغلق التلفزيون الرسمى برامجه المخصصة للحوار السياسى قبل شهرين، تفاديا لأي نقاش قد يتحول إلى استهداف للغرفة أو تعريض ببعض الفاعلين فيها، وتفادى الحزب الحاكم توجيه أي انتقاد للغرفة أو التعليق على قرارها الذى أصاب الأغلبية الداعمة للرئيس بإحباط شديد.

غير أن استمرار المواجهة واقتراب التوتير من الفاعلين فى القصر أو محيطه ينذر بمواجهة مبكرة، قد لاينتظر الرئيس فيها إلى مابعد إعلان نتائج الاستفتاء الدستورى المرفوض من قبل معارضيه وبعض الداعمين له، وربما ترفض الأجهزة التنفيذية فى هذه الفترة التعاون مع الغرفة أو تأجيل أي ملف إلى نهاية الدورة من أجل تقليل الخسائر فى انتظار الإجهاز على أكبر تجمع معارض للرئيس داخل إحدى الغرف الدستورية بموريتانيا.