امنحني حاسبتك! لـدي عيون وآذان!

عبيد إميجن  كاتب موريتاني مهتم بالشؤون الافريقية

لا شيء أكثر إلهاما أو أكثر غموضا بالنسبة لنا نحـن الموريتانيين من تعريف مصطلح "الحيـاد" إزاء قضيـة الصحراء، وأيا كانت قســوة البدايات فإننا لا نعثـر، قطعا، سوى على قـدر وافـر من التشـويش المتعمد كلما حاولنا كموريتانيين الإتيان بقراءة لمشهـد لم تعـد عوالق البدايات تشوب فصوله البادية، وبمقتضى أن نكون "حياديين جدا" فان ذلك يدل على تقارب شامل مع جبهة "البوليساريو" وتباعـد كامـل مع المملكة المغربية!، وعنـدما نحاول البرهنـة على أنه بإمكاننا أن نقف على أرجلنا كي نفهـم جيراننا تبعا لصيغـة "أصدقاء لا أعداء" نكـون وجبـة "يجاز" قضـمها في الخاصـرة !، وعلى هذا النحـو؛ فنحـن متهمون...ومتهمــون كلـما كـان لـنا رأي بشـأن الـ1745 كلمترا هـي حدودنا الشمالية! مـن يحكمها؟ ماذا يجـري خلفها؟ و هـل هنالك من يستهدفنا وينظـر في فسيفساء بنائنا الأفقي لكي يدس فيـه سما؟؟!.

بالنظـر إلى هذه المزايدات؛ يبدو أن الخوف من إغضاب الغول تفرض علينا التحـركـ الخفيف في حقل نحـن من فخخه بالألغام، لذلك نظـل منقسمون ومن السهل أن تنجــر نخبتنا خلف دعايات عاطفيـة سريعا ما تتبخــر كلما عُرضَت للإختبار، ماذا سيحصل لو قلنا؟ هل سنهاجم؟ هل سنخسـر صحبتهم؟ أسئلة تكشف عمق التردد الذي طــال أبسـط واجباتنا الوطنيـة وما تقتضيه من حض على مؤازرة مواطنينا حيـن يتأوهـون خارج الحدود، في ظل ظروف غريبة وغير منتظرة من حركـة تحرريـة وثوريـة، تماما مثلما هو الشأن بالنسبـة للمذكرات التي أصدرها محمـد فال القاظي آكاه وفيها حكايـة صادقـة عن رحلة مُعلـم "ثـوري" أســاء إليه تلامذته الأدب في معتقل الرشيد!، حـدث نفـس الشيء لآخريـن من أهَلْ لكْرَيْعَاتْ فضلوا حكها في جلودهـم فلرجال "البيظان" تقاليـدهم الطويلة في كتمان الألم، وبالتأكيد، فإن الانزعاج سيلاحـق كل مــن يتحـرك بناء على قناعاتـه الخاصـة، كما هـو شأنــي وشأن من لا تحــركه العواطف عنـدما يتعلق السجال ببـلده، ولا بالحماسـة الثوريـة كما هـو حال شبابنا فـي أواسط سبعينيات القرن العشريـن،  ولا يتعاطى مع الأجانب إلا وفـق ضـوابط يصعب تعـديلها لاحقا، وليــس معنى ذلك أنه لا يمكنني أن أتحـرك إلا في المجال الذي يصنعه لـي مستضيفي ولـو حصـل لكنت فعلتها بآگوينيت حيـن أحسست بالتقييـد الصارم لتحركاتي واتصالاتي؛ وكنت علـى علـم ساعتها أن أحدهم يحشـر أنفه لإفسـاد المهمة لكنه لا يعلـم أنها كانت خَبْطَتْ فَصَالَـه!.  

في سيـاق هذا الحديث؛ يتكرر طغيان المسألة الصحراويـة كمعضلة قائمـة على صعيد الخريطـة الجيو-أمنيـة لمنطقة الساحل والصحراء برمتها، وكنت أرى أنه من الضروري فهـم هذه المسألة بعيـدا عن التخيلات وســدا للباب أمام الشائعات والعصبيات والتهويـل ومزاجيـة اللحظة التي ألهب طابعها تعامـل الحكومات الموريتانية مع الملف الصحراوي، ولا يلائم هـذا الانطباع السائـد المعلومات الحقيقية والمنصفة والتـي تعْلقُ بواقـع الشعب الصحراوي الذي يعـد بالنسبة لنا جـزءا هاما من نمـاذج مجتمعات الصحراء الكبرى التـي لا تستقـر ولا تهـدأ ولا تـداوم  الـولاء لأيٍ كان، ولا يمكـن أن تحكـم بالظلم دون ردة فعـل، إن ردة الفعل فـي سياق حديثنا قــد تظهر فعـلا صلابـة الشباب الصحراوي المقاتل علـى الجبهات، لكن التعميم فـي حالات مماثلـة كان فاسـدا، فقـد رأينا الوجـه الآخـر لطغيـان الانقسامية في منطقـة الصحراء الكبرى، ففي نهاية المطاف تحولت مجموعات قبليـة وعرقيـة عديـدة منذ سقوط الجماهيرية العربية الاشتراكية العظمى الى شوكـة في خاصرة بلدان عديـدة بالمنطقة.

من لديـه أدنى شك في النوايا فهذا مقال يتتبع رواسب وبقايا قواعـد ميزت حرب الإخـوة التي دارت لأعوام مريـرة من الربع الأخير من القرن العشرين بيـن موريتانيا وجبهة البوليساريـو، حيث خاض الجنود الموريتانيون الحرب ببسالـة منقطعـة النظيـر دفاعا عـن دعايات نظام الرئيس المؤسس المخطار ولد داداه المتضمنة مبدأ وحـدة "أتْرَابِ البٍيظَانْ"!، قبل أن يدركـ العساكـر متأخريـن أن الوضع بات يقتضـي الـذود عـن الأرض والتـراب بعـدما باتت الدولـة مهددة في وجودها، وأنـه من العبث مطاردة أحـلام الفتـى الكورسيكي "كزافييه كبـولاني" صاحب نظريـة "أتْرَابِ البٍيظَانْ"!، أقـول أنـه من بقايا تلك القواعـد ما كانت تعرضـه اذاعـة جبهة البوليساريـو من تصريحات "للبـعض" من جنودنا اللذيـن يتعمـد اظهارهم كـزنـوج "مرتزقـة" دائما!، فلعـل ذلك ما جعل مقالة "عبيد ولد اميجن وموسم التسول على أبواب المغرب" تنضح بنفس القدر من الأوصاف التحقيريـة والتي أمكننا أن نفـرز من قاموس كاتبها الدكتور غالي الزبير هـذه الصــور غير الرتيبة؛ (“الخبير” الموريتاني المستأجر)، و(ولد “اميجن” الباحث عن “كرية موعودة”)، و(جانب اخر من شطحات الاجير “ولد اميجن”)، ثم يكتب (ولكن اختلاقات “ولد اميجن” لاحدود لها خاصة إذا كان الثمن معلوما)، وفي اطار مناصحتنا يضيف صاحب المقال (...وأن يدع القضية الصحراوية بعيدا عن مجالات تكسبه)، ثم يتساءل ولد الزبير هـذه المرة ما اذا كانت المسألة الصحراوية قد بااتت (بطاقة العبور الى اسواق الارتزاق المغربية؟) بالنسبة للكتاب الموريتانيين المشتغليـن فـي (..إعلام الارتزاق)، وهــم بحسب الكاتب الصحراوي (محترفي الإتجار بأقلامهم والسنتهم من جيراننا)..الى آخره؛ ولأن كل إناء بالذي فيه ينضح فإنه بين فصول وفقرات وثنايا النص المسيء تتكرر نفس الصيغ التجاريـة من بيـع وشــراء، وكسب وتكسب، قبل أن يشـرع الكاتب الصحراوي فـي فقرات لاحقة تعداد مناقبنا فـي العمـالـة الرخيصـة بدءا بـ(...تبديل جلده تماما كما تفعل بعض الزواحف تحول من صديق للشعب الصحراوي كما حاول بعض الصحراويين اعتباره إلى محلل مخزني ينافس “منار السليمي”)، ثـم يعزف الدكتور الزبيـر في منحـى الفئوية موحيا لقرائـه أن (هذا الصحافي الموريتاني الذي انشق عن مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (ايرا) سنة 2013)، فأنا والــى هذه اللحظـة كنت أعتقـد أن الجبهة وهـذه الحركـة يتشابهان من حيث المنطلقات وفـي توقهما للحرية والانعتاق من ربقة ما تسمية الجبهة "إستعمارا"! وتـرى فيه (إيرا) استعبادا!، أم أن المفهـوم الأخيــر لا يرقـى ليكون جزءا من العقيـدة النضالية للأخ الدكتور الذي يحارب للظفر بالحريـة ولكنه يتغاضى عـن وضـع سالب لحرية الأفراد داخل صفوف مجتمعه!.

وتعالوا أيضاً لنفند كل تقـولات الدكتور غالي الزبيـر، رئيس هيئة البترول والتعدين في الحكومة الصحراوية؛ ولنرى إلى أي مدى تكون معلوماته مستفزة، هكذا صُممت أصلا ومغلوطة دون حاجـة للتخمين. إن الهدف الأساس من مثــل هـذه الكتابات المنفلتة من عقال صاحبها ومثيلاتها من التدوينات على شبكات التواصل الاجتماعي هو منــع المثقف الموريتاني من تكوين فكـرة مستقلة عـن توجهات حكومة انواكشـوط فيما يتعلق بقراءة المسألة الصحراوية أساسا، وطبعا إذا ما تحـرر الواحد منا من عقيـدة "أتْحَمْجٍـي" لبني غزيـة، فلن يكون ابتداء من تلك اللحظـة قادرا على ابتلاع لسانه أو البقاء رهينة لمواقف حكومية، ليس التذبذب سوى إحدى سيماتها المميزة، ودعنــي أنبهكـ أنه الى جانب إهتمامي المبكـر بقراءة مدارات السياسات الافريقيـة فإن لدي أيضا إلمام قوي بالصحافة الإستقصائيـة ومن ذلك، متابعـتي لملف عمر الصحراوي الـذي أمتلك محاضـر التحقيق معه كاملة؛ وهـي وثائق يـرد فيها اسمه الكامل ومحـل وتاريخ ميلاده : (عمر ولد سيدي أحمد ولد حمة المعروف بـ "عمر الصحراوي" من مواليد الفرصية في 19-3-1957)، وهنالك بشأن عمر الصحراوي وثيقـة تداولها الإعلام الدولي وهي تحمل ترويسة وزارة العدل والشؤون الدينية الصحراوية، لتؤكـد أن "الإرهابي" هذا كان مقيما فـي المناطق المحررة والتي تسيطـر عليها البوليساريو حتـى يوم 19-5-2010، أما الحصـول على الجنسية وجواز السفر الخاصين بدولة مالـي فأنا زعيم لكـل راغب بالحصول عليهما في ظرف لا يجاوز سبع أيام وسبع ليال من كتابة هذا المقال!. ثـم إنني كنت شـاهدا عيانا على لحظـة إفراج السلطات الموريتانية عن شبـان صحراويين من بينهم "مامين ولد أفقير" في يوليو من العام 2012، والذي كانت تهمته المشاركـة في خطف ثلاث رهائـن من داخل المخيمات وهم اسبانيان وايطالية بعـدما دفعت دولهما مبلـغ 15 مليون أورو، استلمها على الفور عدنان أبو الوليـد الصحراوي، العضـو السابق في "اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب"، ولعل القارئ الفطـن يدرك الآن أن محاوري من صحيفة هسبريس الالكترونية قـد أختلط عليـه الرجلان فهـو لا يعـرف سـوى الأخير الذي تنقل بين القاعـدة في بلاد المغرب الإسلامي قبل أن يلقي عصى الترحال لدى حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا وهـو الآن المتحدث بالدولة الدولة الإسلامية "داعش" وبلسان الأخيـرة ظهر متوعدا باستهداف استهداف بعثة المينورسـو الأممية و المصالـح المغربيـة، لكنه تركـ البوليساريو لماذا؟!، أما أنا فذاكرتـي تستعيد عمر الصحراوي الذي أدانه القضاء الموريتاني، وهـو ما أعنيـه بكلامي وعن دراية أكيـدة. ومـع ذلك تحتفظ ذاكرتي جيدا أيضا، بمحاولة البوليساريو النأي بنفسها عـن قذارة مهمة عمر الصحراوي حيث أتذكـر أن وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك، طار خلال تلك الفتـرة العصيبة الى انواكشوط ليوصـل رسالـة في هـذا الصـدد، ولأننا لسنا ناطقين باسم حكومتنا فإنني أكتفي بهذا القدر من التفاصيل حول هـذه النقطـة، مـع أنني أحتفظ بالمزيـد!

إن مقالكم يرشح بالقـرف المخـل بمكانة الدرجـة العلميـة التي تدعون حيازتها؛ ومن الصعب التركيـز في فقراته الغاضبة والمتشنجـة أحرى التدقيق في مضامينه، وأنا اذ يتملكنـي الخوف من أن يكون هـذا دأب الكتاب الصحراويون كلما كان لهم موقف يودون الإفصاح عنه بشـأن رؤيتكم لنظرائكم الموريتانيين، لذا قـد اتجـاوز المحاججـة بشأن بعض الهنات اللغويـة كما لاحظتموها، فهـي أمور واردة وممكنة الحدوث خلال لقاء صحفي مباشـر كنت فيه أمارس رقابـة على لساني وأمنعه من التحدث بطلاقـة حول ملف يكاد يكون ممنوعا الإسهاب فيه على قادة الرأي الموريتانيين!؟؟؟

أتفهم أسباب حديثك الجـارح والمسيء لشخصي وخاصـة أن المقابلـة مع صحيفة هسبريس المغربية (حائزة على جائزة الصحافة الذكية لعام 2016 وهي الأكثر تصفحا في المنطقة) حملت ذكــرا لأدوار القبيلة والقبلية داخل الدوائر العليا بالجبهة وفـي المخيمات وحتى في المناطق "المتنازع عليها" بل يكاد ينبني تأسيـس المخيــمات أصـلا على هذا المعطى الاجتماعي وهنا يحصـل التناقض الصارخ بين ادعاء الثوريـة والبعـد التحرري والانكفاء على تمجيـد تاريخ قبلـي مليء بـ"أتهنتيت" وقـد أشار الى ذلك الأمين العام الحالي للجبهة السيد ابراهيم غالي مع ما يسـم ذلك من تخلف اجتماعي وشيـوع للممارسات البعيـدة كـل البعـد عن التقدمية!.

إن غياب المؤشرات الديمغرافيـة والاحصائية لساكنـة "مخيمات اللاجئين في تندوف" يجعلنا نستنـد الـى المعلومات المتطابقة والتي تنثرها مصادر "محايدة" أو منابر اخبارية موريتانية، وعلى سبيل المثال والذكـر، كتبت صحيفة "المستقبل الصحراوي" تحقيقا غير مسبوق حول نزوح اللاجئين الصحراويين الى الشمال الموريتاني بغية الاقامة والاستقرار في مدنه التي باتت عامـرة بالصحراويين وهكذا عنونت تحقيقها بـ"موسم الهجرة الى الجنوب"!؟ وأي جنوب إن لـم يكن ولايـة تيرس الزمور وولايـة داخلت أنواذيب الموريتانيين، فأهـلا وسهلا بمــن تربطنا بهم أواصر وقربـى مانفكوا يقطعونها وهم يبتعدون شمالا في حيـن كنا نحـن متمسكون بأهدابها ومازلنا وإن كان ذلك على حساب مصالحنا الوطنية!.

بهذا المنطق، تأوي موريتانيا مواطني دولـة أخرى في كل من بير أم اكرين و أزويرات وأفديركـ وبفضـل هذا العامـل تضمنت عملية احصاء السكان والمساكن الأخيـرة قفزة ديمغرافية لأعداد ساكنة الشمتال وإن كانت قـد برزت بشكل أكثر جلاء في مدينة بير أم أكرين سنة 2013. وهنالك أيضا الشتات الصحراوي في أوروبا واسبانيا تحديدا والمتجنسين من ساكنة المخيمات في الجزائر وغيرها مما يمكـن ذكره غرب الجدار العازل وهـم أكثرية سكان الصحراء ممن يمتلكون إقامة دائمة في مناطقهم الأصلية. وهـو مشهد يجعل بداهـة تضخيم ساكنة المخيمات غير مستساغ على الإطلاق فمن خصائص ساكنة المخيمات طغيان الشرائح العمريـة المتقدمة في السـن أو المقاتليـن الى جانب ساكنـة لم تمكنها ظروفها الاجتماعية والاثتصاديـة من المغادرة، لذا يفرض هذا الوضـع غيـر الدقيق على السيدة فيديريكا موغيريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أن تطالب في العام 2016 بـإجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف من اللاجئين الصحراويين"، وفـي هذا المقام اذا لـم تكن تلك الخصائص منطبقة على ساكنة المخيمات فإنني أنتظـر أن تكشف لـي عن مقدار الاكتظاظ البشري في تلك المخيمات وأعداد ساكنتها المحترمة، و ان كنت أعرف أن هذا المعطـى سيبقى سرا قوميا يجب أن يظل مرتهنا بحسابات ذات بعـد سياسـي اولا!

أخيرا؛ أود أن أؤكـد لك، أيها المسؤول الحكومي علـى أنني حــر في التحدث للمنابـر التي أشاء التحدث فيها، مهما كانت جنسيات وخلفيات من يديرها، وانني لست اعلاميا مهتما فقـط بشؤون غرب افريقيا وهو اهتمام ليس وليـد اليوم وليس وليد استقالتي من حركـة ايرا في العام 2013 بـل هي درايـة اكتسبتها بواقع الخبرة العلمية (تخصص علوم دولية) ومن دراية عملية طويلـة إمتدت منـذ العام 2001 الى يوم الديـن هذا ربطت خلالها عـلاقات مباشـرة بالحكومات الافريقية حين كنت محررا بقسـم غرب افريقيا من النسخة العربية من اللموند ديبلوماتك (2005-2013)، وكمحرر بالقسم العربي من وكالة الأنباء الافريقية (APANews) بدكار، وأخيرا لعل اهتمامك القاصـر لم يجعلك تدرك أنني حاليا رئيس لتحرير أحد المواقع الافريقية الهامة والناطقة بالعربية (افريكاعربي) المكاتب في ليغوس بنيجيريا، وأن دراساتي حول الشؤون السياسية بغرب افريقيا تنشرها اهم المراكز البحثية في العالم، وبعضها مترجـم الى الانجليزيـة وأن بعض اهتماماتنا قـد صـدر عن دور نشـر على شكل كتب، ومـع كل هذا الاهتمام فإن برنامجنا حوار أنواكشـوط شكل مساحـة لا ينكرها الا مكابـر كحالكم فتحدثتم فيـه وتبادلتم الأدوار والمقاعـد وإنني لماض في دعوتكم إليـه ما رأيتكـ ذلك مناسبا، أو هادفا إلى استجلاء موقف لكم به صلـة، ما يمنعنـي من ذلك "طحينك" فقــد سبقه "رغاء" لآخريـن يستكثرون على صحفيي موريتانيا الكفاءة وحريـة القول والفعـل، إن تطلعاتـي تتضمن دعوة الكتاب والمدونين والصحفيين الموريتانيين للخروج من البعبع والتحدث جهوريا عـن قناعاتهم بشأن المسألـة الصحراويـة فلسنا حرسا لقوم من السهل علينا كشف ادعاءاتهم عند أول اختبار للثقة! أما المقاربـة التي تحدثت عنها خلال لقائي بالزميل نور الدين الأشهب (لست مهتما هل هو مخبر أو لديه علاقات بدوائر استخباراتية مغربية) فهـو تأكيدي على أن حربا لـم تقع بسبب الوضع في الكركرات فهـي لن تقع في المستقبل المنظور، وهذا الأمـر يطرح يشكل ملح اشكاليـة تقليديـة التداول وهي تتلخص في السؤال من هو المستفيـد من الوضـع الحالـي حيث حالـة اللاحرب واللامفاوضات تفضي الى سلم؟ مــن الذي يـود أن يعمـر هذا النزاع الإقليمي الى ما لا نهايـة؟  يبدوا أن أنطونيو مانويل غوتيريس سيأتـي بمقاربـة جديــدة تختلف كليـة عـن سلبية سلفه بان كيمون فالأميـن العام الجديد للأمم المتحـدة يمكنه أن يستنـد على أسس دقيقـة في تعاطيه مع الملف الصحراوي وهذا ما أبانـه قــرار مجلس الأمن 2351 الخاص بالصحراء الغربيـة المقدم من الولايات المتحـدة وفيـه تضمين لعزم الأمين العام على إعادة إطلاق عملية التفاوض بدينامية جديدة..."من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من الجانبين.."، لم تكن فكرة الحل السياسـي بالجدية على التقارير الأممية لكنها هذه المرة ألحت على أنه "يتوجب على الجزائر وموريتانيا أن يكونا طرفا مساهما في الحل النهائي!"، فهل تـودون أن تردنا هذه الملاحظـة الهامة جدا وغير المسبوقـة وفي نفس اللحظـة نبقى في انتظار من يسمح لنا بالكلام أو الحديث حول ملف نحن معنيون به بشهادة الأمم المتحدة؟ لقـد غدت مسألة الحل النهائي معلقـة بمحطات المباحثات القادمـة والتي ينتظـر أن يتحرك غوتيريس خلف انعقادها كما هي العادة بهيوستن الامريكيـة، فضلا عـن أن الأطراف سبق لها وأن مرت في الأعوام الماضية بمراحل مشابهة، إلا أنها في هذه المرة تبدوا أكثر عمقا وجدية، فلـم يسبق لمتابعـي هذا الملف وأن لاحظوا  هذا المستوى من استعداد الجميع لعدم الانجرار وراء الأعمال القتالية كما كان يمكن أن يحصل في الكركرات، وبالتالـي لن يحصل من الحروب غيـر تلك الفقـرات الفارغـة من أشْگارَتْ محارب من طينة المحرضين (عبيد ولد اميجن وموسم التسول على أبواب المغرب)، فيما سيتجه الطرفان إلى مباحثات لا ينتظـر أن تفضـي سوى إلـى حل سياسـي لـن يكون فيه لا غالب ولا مغلوب، ولا عنترة ولا شيبوب!.