اظهرت وقائع اليوم الأول من محاكمة رئيس إيرا بيرام ولد الداه ولد اعبيدي خطأ السلطة الادارية التي اعطت الأوامر بتوقيف الرجل، في حادثة شكلية، وخطأ السلطة القضائية في الذهاب بالرجل إلي محاكمة ستكون الأكثر تأثيرا على سمعة البلاد الخارجية.
لقد اظهر اليوم الأول للمحاكمة أن كل التهم لها علاقة بمستوي الحريات العامة بموريتانيا، وأن القضاء الذي يحاكمه في موقف حرج بفعل الضغط الممارس سياسيا واعلاميا وحقوقيا،بينما تبدو التهم هزيلة وغير مقنعة حتى للادعاء العام بأترارزه.
إن محاكمة أي سياسي على تهمة لها علاقة بحرية الرأي أو التجمع أمر خطير، ويعرض سمعة البلد للحرج، والقضاء لمواقف غير مبررة، إذ كيف يحاكمون بيرام ورفاقه بتهمة التجمع دون ترخيص، والسماح للآلاف بالتجمع أمام المحكمة دون ترخيص أو متابعة؟
كيف يجب التصرف؟
إن ترك المحاكمة تسير بشكلها الحالي،يعني وضع البلاد تحت رقابة اعلامية وحقوقية دولية من أجل هدف غير واضح، وتهمة مضحكة، وتعطي للمحامين – وهم نخبة- فرصة سلخ الجهات الأمنية صاحبة قرار التوقيف، والإدارية صاحبة الكلمة النهائية في الملف.
إن تسجيل 22 مرافعة من خيرة المحامين، وعرضها أمام الجمهور والحقوقيين تجعل سمعة البلد في أسوء مراحلها، إن الحكومة بهذا التصرف تعصف بآخر أوراق التوت المتدثرة بها، تزرع بذور الشقاق بين مواطنيها، وتبقي علي التوتر القائم، بل تزيد من حدته بمرور الوقت.
إن الحل الأسلم أو الأقل تكلفة من الناحية الأخلاقية هو جلوس تشكلة المحكمة بشكل سريع، وطرح فكرة التخلي عن محاكمة الرجل بفعل ضعف الأدلة المقدمة لها، والإفراج عنه دون حكم قضائي، وترك الملف المتعلق بحركة "إيرا" بيد السلطة التنفيذية لا القضائية.
إن الحل في الحوار السياسي، لا الإقصاء، والتواصل لا الحشر في الزاوية، والعمل من أجل احتواء القضايا الداخلية بدل تدويلها.
غير أن غياب العقل لدي بعض صناع القرار والرؤية الصائبة لدي الممسكين به أبرز معضل تواجهه الدولة الموريتانية المعاصرة،لكن الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد قد تدفع بعض أصحاب النهي إلي التعامل مع الملف بطريقة أكثر احترافية.