رسائل تهدئة بين الإسلاميين والسلطة بموريتانيا

شكلت زيارة القيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان لموريتانيا أبزر مظهر من مظاهر التهدئة بين الإسلاميين والسلطة بعد توتر دام أكثر من ثلاث سنوات اثر انخراط الإسلاميين مع قوي أخري في الحراك الداعي لإسقاط الرئيس.

 

ورغم لغة التواصل غير المباشرة بين الطرفين، إلا أن التهدئة بدت ظاهرة لمن تابع حركة القيادي الفلسطيني بنواكشوط طيلة الساعات الماضية.

 

ولعل أبرز الرسائل الإيجابية في الزيارة هي:

 

سماح النظام غير المعلن لشخصية بحجم أسامة حمدان بالدخول إلي موريتانيا بدعوة من فصيل سياسي معارض، واستثمار الزخم الجماهيري لحركة حماس ضمن مشوار الحزب الساعي إلي توسيع رقعة أنصاره، وربط جماهيره بالطرح الإسلامي عبر بوابة أعرق حركة مقاومة بالعالم وأكثرها مصداقية لدي مجمل شعوب المنطقة.

 

اطمئنان الإسلاميين لموقف السلطة بموريتانيا تجاه شخصية بحجم أسامة حمدان، تحتاج دعوتها لموافقة رسمية، ووجودها لتأمين رسمي، ودخولها لتسهيل وتعامل يليق بمكانة الضيف الزائر، كما أنه يعكس مستوي الثقة التي يحظي بها الداعي لدي الممسك بزمام الأمور في البلد، حيث فتحت قاعة الشرف أمام رموز تواصل بعد فترة من المواربة، وسمح لهم بالتحرك عبرها بكل حرية تكريما للقائد الذي جلبوه عبر متانة العلاقة إلي البلد، وقبلته السلطة بحكم المعلن من مواقف حركته الرافضة لأي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى مهما كان موقفها من التيار الإسلامي الذي تنتمي إليه.

 

 تنظيم الإسلاميين زيارات ميدانية لضيفهم الكبير، شملت اغلب الطيف السياسي وفي مقدمته معسكر السلطة بقيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، في عرف دأب عليه الإخوان في موريتانيا، وهو تفهم رغبة الزائر في ربط علاقة مشتركة بمجمل القوي الوطنية، وسعي الإسلاميين إلي تأمين أكبر قاعدة دعم لشركاء التصور والمشروع الواحد.

 

دعوة الإسلاميين لرموز في الأغلبية الحاكمة لحضور أكبر نشاط ينظمونه منذ انتخابات نوفمبر 2013، حيث كان علي المنصة الرئيسية الأمين العام للحزب الحاكم عمر ولد معط الله إلي جانب الأمين العام للرباط ونائب رئيس حزب تواصل محمد غلام ولد الحاج الشيخ، وهما يتبادلان الحديث بعد أن جمعتهما فلسطين، وفرقهما تسيير البلد.

 

ثناء أسامة حمدان علي موقف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز من القضية الفلسطينية أمام حشد يتجاوز التواصليون فيه نسبة 99%، دون أن ينسي بالطبع أن الجهد الذي بذلوه مع قوي أخري بعضها في المعارضة والآخر في السلطة كان وراء القرار الذي سجله التاريخ للرئيس الحالي وحكومته ابان حرب غزة 2009.

 

ويعتبر موقف أسامة حمدان من الرئيس الموريتاني أحسن موقف تسمعه حكومة الرجل منذ فترة، وأكثر بلسم قد يداوي جراحها المثخنة بفعل فساد المالية، وضعف القدرة علي مواجهة الجريمة المنتشرة هذه الأيام.

 

كما أن وقوف بعض أفراد جهاز الأمن المكلفين بمرافقة الرجل وتأمينه إلي جانب شبان تواصل المكلفين بفرض النظام داخل القاعة أعطي مستوي من الانسجام الشكلي في ظاهره، لكنه  تطور دون شك في علاقة ظلت محكومة بالحارة ومسيلات الدموع إلي وقت قريب.

 

وبغض النظر عن المعلن من مواقف الطرفين، إلا أن زيارة أسامة حمدان اعطت رسالة بأن المشترك قائم، رغم أن نقاط الخلاف أكثر، وأن التهدئة حالية كانت لها فوائد معتبرة للطرفين، قد لا تستمر طويلا، لكنها دون شك ستعطي لكل طرف منهما الفرصة بتمرير خطابه أو سماع الخطاب الذي يحب أن يوصف به بين الناس.

 

زهرة شنقيط – خاص