تسريبات ولد غده .. محاولة اغتيال سياسية أوابتزاز قبل تعديل الدستور؟

قوبلت التسريبات التى وزعتها الحكومة ليلة البارحة بقدر كبير من الاستهجان بحكم الطابع غير الأخلاقى لمثل هذه المعاملات، ونشر غسيل عضو بالبرلمان الموريتانى لمجرد الاختلاف معه فى الرأي، فى سابقة هي الأولى من نوعها بموريتانيا.

وبغض النظر عن الصورة التى يحاول البعض رسمها للشيوخ من خلال الإيعاز للرأي العام بأنهم تحركوا لأسباب مادية محضة، إلا أن استغلال معلومات أمنية لتحطيم شخصية سياسية وتشويهها، يعتبر سابقة فى تعامل الأنظمة السياسية بموريتانيا مع معارضيها، وخروجا عن المألوف من الأخلاق السياسية بالبلد، كما أنه إحراج لعناصر الأمن المكلفين بملف التحقيق مع ولد غده فى مجتمع قبلى يعرف بعضه البعض، وتقليل من هيبة الجهاز الذى أستخدم فى العملية ( الدرك) وتعريضا بمجمل عناصره الذين سيعاملون اليوم من طرف كل مواطن كجواسيس يجب التعامل معهم بحذر، بعد أن كانوا فى نظر البعض نموذج الجهاز الأخلاقى الذى يقوم بمهامه وفق القانون دون اهانة أو ابتزاز أو تكسب.

بعض الموالين للسلطة حاول خلال الساعات الماضية توصيل الرسالة بشكل مكشوف وساذج من خلال الإيعاز للشيخ المعارض بالاختفاء على الفور والتخلى عن أي دور له فى الحياة السياسية ، لكن ردة فعل الشيخ المعارض كانت أقوى من ضغط التسريبات الإعلامية التى تم طرحها فى الساحة للتداول قبل يوم واحد من انطلاقة الحملة المحضرة للإستفتاء على الدستور.

غير أن التلويح بوجود تسريبات أخرى دون نشرها سيجعل من ملف السيناتور ولد غده ملفا آخر للتدافع الإعلامي والسياسى خلال فترة الحملة المحضرة لتعديل الدستور، من خلال استضعاف الفنانة المعلومة بنت الميداح ونشر المتعلق بها من ملف الشيوخ، وحجب معطيات آخرين لدواعى قبلية محضة أو خوفا من انتصار القبائل لأبنائها قبل التصويت على الدستور، فى مجتمع قبلى يعتبر الاستهداف المباشر فيه أجمل هدية تقدم للشخص المعارض - مهما كانت مبررات استهدافه- ، بفعل الحاضنة القبلية المستعدة للتضامن مع أي شخص يتم استهدافه بهذا الشكل المقزز.

وستكون السلطة الآن أمام احراج غير مسبوق فى تعاملها مع الملف ، نشر التسجيلات بعدالة وعلى الفور، وهو مايكلفها الكثير بفعل نخبوية أعضاء المجلس وعلاقتهم بالمناطق التى ينتمون إليها، أو الاكتفاء بنشر تسريبات الشيخ المتعلقة بالمعلومة بنت الميداح – رغم محدودية تأثيرها على سمعة الفنانة- وهنا تكون عقد المجتمع المعروفة قد أثيرت فى الوقت الغلط، وكرامة الآلاف من المتعاطفين معها قد جرحت فى الصميم. فأي خيار سيسلكه الممسكون بزمام التسريب؟ وأي ردة فعل متوقعة من أنصار الفنانة التى غنت 25 سنة للديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، قبل أن تجرفها بروق السلطة ووعود التقدم والمساواة فى معسكر لم تلبث فيه غير بضعة شهور كانت بمثابة محاولة تأقلم فاشلة مع معسكر الموالين للرئيس، المنخرطين اليوم فى حملة تشهير بها لمجرد الاختلاف فى الموقف أو تغيير الموقع.