حقيقة هذا العام كان عاما صعبا على جاليتنا فلم نزل نستفيق من الضرائب المجحفه علينا وتداعياتها الاقتصاديه على أرباب الاسره حتى فجعنا بترحيل نسائنا وقطع صلتهم مع فلذات أكبادهم لا لجرم ارتكبوه فحز ذلك في نفوسنا جميعا وسكبنا العبرات والدموع على نساء الانصار وهن يخرجن عنوة من مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
و والله إنه لزمن تعيس يستعلي فيه الجاهل ويهان الكريم ابن الكرام ولشدة صدمتنا اختلطت مشاعرنا بردود أفعالنا فلم نفرق بين الصواب والخطأ ورفعنا مظلمتنا لجميع أبناء جلدتنا ولَم ولن نرضى بالاعتذار فهذا عرضنا وهؤلاء أخواتنا وأمهاتنا ولكن إلى الله المشتكى والآن وقد عرفنا أننا لا نملك حيلة ولا قوة استرجعنا عقولنا لنقرأ ما جرى بتروي وعقلانية مجردة بعيدة عن العواطف والمشاعر حتى نضع أيدنا على من تسبب لنا فيما نحن فيه من تشريد وتنكيل وترحيل لنسائنا ولنسترجع كل شئ ولكن بتروي
نحن نعلم أن السلطات السعوديه اشترطت على جميع البعثات التعاقد مع شركات خاصه لتفويج الحجاج بما فيها البعثة الموريتانيه لذلك لم يجد المقيمين الوظائف الموسمينه التي تعودوا عليها كل عام ونعلم كذالك أن ولد مسيعيد مدير الحج كان يأخذ الموظفين كل عام من بني جلدته ونعلم أن الحج موسم لتبادل بين أبناء الجالية الواحدة لذلك حين جاء نسائنا لتبضع منعوا ووجد الاعراب فيهم ضالتهم فنكلوا بهم واستدعى الأمن الشرطه وجاءت الإمارة وأخذوا نسائنا والبعثة لاتعلم عما حصل إلا بعد فترة كما هي حال دولتنا متأخرة في كل شئ .
ولما وصلوا إلى مركز العزيزه استنجدنا بالقنصل لأنه المسؤول المباشر عن الجاليه فهم ليسوا حجاجا ولا يحق للبعثة البحث في موضوعهم من الناحيه القانونيه ولكن القنصل تكابر وأراد أن ينتقم لنفسه من وزارة الشئون الاسلامية التي حرمته من الإشراف على الحج والاستفادة الماديه التي كان يحصل عليها.
وأصبحنا نحن ضحايا بين قنصل مريض نفسيا يريد لبعثة الحج أن تفشل ولو كان ذلك على حساب نسائنا وأعراضنا واستحلفناه بكل الأيمان ان يتدخل ولكنه رفض بحجة أن الموضوع لا يعنيه مع أن المحتجزات مقيمات ولسن حجاجا ولأ ننا نحن معاشر الانصار نتحمل ما لايتحمله غيرنا فالرجل جالس في ضيافتنا وعند أبناء عمومتنا أهل المشتبى ومع ذلك يرفض أن يتدخل.
طبعا مع مرور الوقت أخذ النسوة من مركز الشرطة إلى الترحيل ومنها إلى جده عندها فقط شعر هذا القنصل المتغطرس أنه اخطاء في عناده وحاول أن يرسل معاوينيه ولكن بعد فوات الاوان وهكذا فقد الصبية أمهاتهم وبَقى الأب وحيدا بين صبيته لايعرف هل يجلس لحضانتهم أم يذهب ليجلب لهم قوتهم وفِي هذا المشهد الحزين ظهر من يرقص على أشلاء الجثث فتكلم مكتب الجاليه هذا المكتب النكره ليداري على القنصل أخطائه ويعتبر أن سبب المشكلة أنه لم يشرك ولَم يقسم له من الكعكة شيئا أي حقارة هذه وأي مواساة هذه ولكن هكذا الحال عندما يسود الجهال وكان الله في عون الانصار وقطعا سيتعلق أولائك الأطفال الصغار برقبة القنصل يوم القيامه و والله إن بكائهم ليقطع القلوب وإن نظراتهم لتدمع لها العين ولكن إلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا با لله
حمّاد الأنصاري - المدينة المنوره