شكل تكرار المنتدي الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض لمحاضرة 2014 مفاجئة كبيرة في أوساط متابعيه، خصوصا وأن متغيرات كثيرة عاشتها الساحة السياسية بموريتانيا، واهتمامات أخري طغت على المشهد السياسي في الفترة الأخيرة.
المنتدي القادم من دهاليز "السياحة الفكرية" شكلت بدايته خلال العام الجاري تكرارا حرفيا لما قام به في مقر حزب إيناد 2014 من خلال تقديم الثنائي محمد ولد العابد، وأحمد ولد لفظل للجمهور في محاضرة مشتركة حول الفساد والنهب الذي تتعرض له الثروة الوطنية، دون أن يكون لبقية مكوناته أي مساهمة في الجهد الذي يحاول العودة به للساحة السياسية من جديد.
ولعل الغريب في الأمر هو أن أحزاب المعارضة المؤسسة علي التنظير من أول أيام، تبدو وكأنها عاجزة عن انتاج بديل مقنع للساحة السياسية، أو ربما مستسلمة لشروط البعض من أجل الاستمرار في اللعبة السياسية، من خلال فرضه لنفسه على جماهير الغير أو تعطيل المشوار المشترك بين مختلف الأطراف السياسية.
ويستغرب البعض لماذا لم يقدم زعماء المعارضة – وهم في الغالب أهل تنظير وحكمة- رؤيتهم للأوضاع السياسية باعتبار البلد يمر بمرحلة تحتاج إلي توضيح وارشاد؟ ولماذا يصر البعض على التواري عن الأنظار لصالح غير مقنع في السياسية أو مقبول لدي الشارع، في ازدراء كبير للجماهير المتعطشة لسماع الجديد.
إن جلوس الرئيس محمد ولد مولود ومحمد جميل ولد منصور ويحي ولد أحمد الوقف، والمصطفي ولد بدر الدين، في المقاعد الخلفية، يعتبر نكوصا عن مواجهة الجمهور أو تغليبا لمبدء السلامة في ظل ضعف التعايش بين مختلف مكونات المعارضة السياسية بموريتانيا.
إن الفعل النضالي يتطلب المزيد من الشراكة والتعاون، لكنه أحوج إلي تقديم الأصلح الذي ينفع الناس ويخترق القلوب، وإن المعلومات المتخصصة أمر مهم، لكنها علي لسان القائد المقنع قد تغير وجهة المتردد وتطمئن الداعم المتحمس، وتجذب المهتم المحايد، أو الباحث عن الحقيقة مهما كان توجهه.