شكلت زيارة وزير العدل جا ملل للمحاكم الموريتانية رسالة بالغة السلبية عن واقع المنظومة القضائية بالبلد، عبر تقويض الصورة المرسومة فى أذهان الجميع عن القضاة الجالسين، من خلال إظهارهم كأعوان للسلطة التنفيذية يتلقون منها الأوامر ويخضعون لسلطة الوزير بشكل مباشر.
ورغم أن الوزير لديه مفتشية عامة للقضاء وله جهاز يمكنه من متابعة واقع المؤسسة القضائية بشكل جيد دون خرق المتفق عليه من استقلالية السلط الثلاثة فى المنظومة الديمقراطية المعاصرة، إلا أن ضعف الإلمام بالمنظومة القضائية دفعه إلى القيام بحملة تفتيش ومتابعة للمحاكم الموريتانية والإطلاع على سير العمل فيها وإعطاء الأوامر دون الإنتباه للضر الذى سيحدثه فى نفوس العامة وهو يتابعون صور الوزير يتجول بكل حرية داخل مكاتب القضاة ويصرح عن توجيهه لمن يمتلكون استقلالية مطلقة بحكم القانون والعرف ومنطق الدولة الحديث.
وكان الوزير جا ملل قد تولى منصب وزير العدل بعد الاستقالة المفاجئة للوزير ابراهيم ولد داداه، الذى قرر العودة لسلك المحاماة بعد تجربة مريرة مع بعض أركان الحكم، رغم مبالغته فى الدفاع عن خيارات السلطة التنفيذية التى ينتمى إليها وتمرير بعض القوانين والمراسيم المثيرة للجدل والدفاع عنها أمام الرأي العام ، مستغلا ثقافته القانونية وتجربته الطويلة فى مجال المحاماة بموريتانيا.