للرئيس فقط ..

قبل أيام وجه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز الدعوة لعدد من فقراء الأحزاب والأئمة والصحافة من أجل الإفطار فى القصر، ضمن عادة دأب عليها مجمل الرؤساء المتعاقبين على حكم البلاد، بحكم مركزية الفطور فى حياة الصائم، وقيمة الصيام لدى المسلمين.

 

وبغض النظر عن جودة المعروض أو أجواء الإفطار أو آليات اختيار المشاركين فيه، إلا أن تكرار المناسبة فى نفس المكان واختيار نفس الأوجه، يحول دون أخذ الدروس والعبر المطلوبة من مناسبة إسلامية بهذا الحجم، ويفقد رسالتها المعنوية الكثير من الألق الذى كان يفترض أن تمنحه مناسبة بحجم إفطار الشخص الأول فى البلد مع بعض الدوائر المهمة فى صناعة القرار أو الاستماع للآراء فى شهر الرحمة والمغفرة والإحسان لبعض المحتاجين للإحسان فى الشهر الفضيل.

 

ماذا لو كان الإفطار المكرر داخل القصر تم تنظيمه هذه المرة لصالح مفرزة من أبناء القوات المسلحة المرابطين قرب "أنبيكت لحواش" أو فى صحراء "تيرس زمور" أو مع طلاب "الجامعة الإسلامية" بلعيون، أو فى أحد "آدوابه" آفطوط،  أو المنمين فى عمق أوكار عند بعض الآبار المشهورة بالمنطقة ( بوبريكه) من أجل الإطلاع على واقع بالغ الصعوبة داخل البلد، وإرسال رسالة تضامن مع من يتولون حراسة الحدود وضبط الأمن فى مناطق صحراوية تبلغ فيها درجة الحرارة أكثر من 45 درجة، دون أن يتخلوا عن أهم شعيرة إسلامية أو تمنعهم صعوبة الظروف والصوم من القيام بالواجب أو المساهمة فى مسار التنمية بالبلد.

 

صحيح أن فقراء الأحزاب والصحافة يستحقون لفتة إنسانية من الرئيس وأركان حكمه فى الشهر الفضيل وخارجه، لكن صحيح كذلك أن تمييع مناسبة بهذا الحجم بشكل متكرر، جنوح نحو المفضول، وتبديد لفرض تضامن يجب أن تستغل فى الأفضل.

 

يحتاج الناس إلى أن يشاهدوا وزير الداخلية فى احدى النقاط الحدودية وهو يتناول الإفطار مع بعض الموظفين التابعين لقطاعه، ووزيرة البيطرة وهو تتابع حال المنمين فى النقاط الحدودية أو الآبار المخصصة لسقاية الماشية خلال فصل الصيف ووزير وقائد الأركان وهم يتناولون وجبة الإفطار مع الجنود عند الحدود، ووزير التعليم العالى وهو يتبادل الأفكار لا الشتائم مع طلابه، أما وزير الصيد فلا مبرر لتجاهله للصيادين خلال الشهر الفضيل وهو الممسك بقطاع متخم بالثروة والمقيم على شاطئ المحيط، لكنه تضييع الفرض وعدم استشعار المسؤولية وضعف التقدير والتسيير.