في الوقت الذي بدأت فيه بوادر حوار جدي بين الأغلبية والمعارضة من أجل التأسيس لمرحلة جديدة من التعايش المشترك، وتكريس الأسس الجمهورية للدولة، تتحرك قوي أخري لتمرير مجلس أعلي للشباب علي أسس قبلية وجهوية محضة.
إن اصرار بعض المقربين من الرئيس علي بث اعلانات تلفزيونية وأخري الكترونية للمجلس القادم، متجاهلين تطورات الحوار، ومساعي النخبة السياسية يكشف مستوي تدهور الأمور بموريتانيا، وانفراط عقد سلطة الرجل الواحد، وبروز أقطاب أخري تمرر أفكارها دون اهتمام بمآلات الأمور، أو أحلام الحاكمين.
إن التحرك باتجاه تأسيس مجلس أعلي للشباب بصبغة عشائرية، في وقت تطرح فيه المعارضة تفكيك مجالس أخري كانت قائمة، بعضها يتمتع بأعلي درجات التحصين كالمجلس الدستوري، وبعضها يمثل أبرز المسنين في البلد (المستقلة للانتخابات)، وآخر يدخل ضمن صلاحيات الرئيس (مجلس الوزراء)، يشكل تحديا فاضحا لأسس الشراكة المتوقعة في القرار، واختزالا للدولة في "لجان ثورية" (يسيرها محمد الحوثي من العصماء) في استخفاف واضح بداعميه ومعارضيه.
إن الموقف المتسم بالعقل والنضج والحكمة يتطلب تأجيل المجلس الأعلي للشباب، وترك الأمور لما سيقرر المتحاورون، بغية انشاء مجلس يلبي رغبة الرئيس في الوفاء بعهده، وتطلع المعارضة لدولة القانون والمساواة بين المواطنين.