اظهرت حلقة حوارية بثها التلفزيون الرسمي هشاشة النخبة السياسية والعسكرية الحاكمة بموريتانيا، وتحولها إلي واجهة لبعض القوي القبلية والجهوية ذات التأثير الكبير في مجريات الأمور بالبلد.
أربعة شبان لايمتلكون تجربة كبيرة في الحكم أو العمل السياسي، يجلسون في غرفة مجهولة المكان ومصدر التأجير، ليحسموا مستقبل "المجلس الأعلي للشباب" الذي يعتبر رئيسه برتبة وزير!.
الحدث يكشف مستوي هشاشة العملية السياسية بموريتانيا، وتسيير مؤسسات الدولة بمنطق العصابات، حيث يتم تقاسم الكعكة بين النافذين وأبناء النافذين، بينما يكتب علي البقية العيش خارج السرب.
ولعل الحلقة كشفت الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلي اجابة وأبرزها؟
(1) من منح هؤلاء الحق في اختيار المجلس الأعلي للشباب الذي يعتبر مؤسسة عمومية أو شبه دستورية؟
(2) وهل يمكن أن يعوض عامل القرابة من الرئيس أو العلاقة الروحية ببعض المقربين منه، النصوص القانونية المطلوبة لانشاء وتسيير وتعيين المؤسسات الدستورية والعاملين فيها؟
(3) وهل يكفي اعتبار الثقة الشخصية في المجموعة الحالية، وعدم وجود "مطامع" في التشكلة القادمة لتسيير واختيار أطر الدولة دون سند قانوني أو مشروعية أخلاقية؟
(4) ماهو دور رئيس المجلس الذي يعادل رتبة وزير، وهو يدرك أن اختيار تم ممن لايتولي رئاسة مصلحة، ولاتربطه بالأجهزة التنفيذية في الدولة أي رابطة؟
(5) لمن سيكون ولاء التشكلة القادمة؟ وهل هي مجرد جهاز أمني يدار من طرف مقربين من الرئيس؟ أم جهاز تنفيذي لترقية حظوظ الشباب والعملية الديمقراطية، رغم مخالفته لأبسط الأسس المتعارف عليها عالميا في تسيير الدول، واختيار المؤسسات العامة؟
(6) كيف سيكون مصير المجلس الأعلي للشباب اذا تعثرت الصداقات الشخصية القائمة بين بعض القائمين علي اختياره، خصوصا في ظل غياب أي نصوص ناظمة للعمل؟
إن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز مطالب بتصحيح الصورة الحالية، وانهاء العبث ببقية مؤسسات الدولة ومصداقيتها، والتصرف كرئيس دولة ، يتعامل بالقانون، ويدير مشاريعه وفق القانون، ويختار المقربين منه لتسييرها لكن بالقانون، وضمن الأسس المتعارف عليها.
إن الجميع يدرك أن الشباب الذين ظهروا في التلفزة – رغم الطيبوبة المعروفة ، والصدق الذي يمتازون به- لايمتلكون القرار، ولم يصدر من أي مؤسسات الدولة الموريتانية مايخولهم اختيار الوزراء أو الأمناء العامين أو رؤساء المصالح العادية.
كما أن منطق ادارة الدول بالعمل السري أمر متجاوز، ومن المضحك أن تؤسس اللجان وتفصل قوانينها واختصاصاتها خارج المجال القانوني المعمول به، وبعيدا عن مراقبة البرلمان أو الحكومة، إنها الفوضي في أقبح تجلياتها، والتلاعب بالمؤسسات العامة دون مبرر مقنع أو حاجة ضاغطة.