اظهرت الحركات الاحتجاجية بموريتانيا خلال الفترة الأخيرة تراجع الدور النقابي لأبرز الكونفدراليات العاملة بموريتانيا لصالح المبادرة الفردية أو الرموز النقابية غير المنضوية تحت أي تشكيل.
وقد بدت حركة العمال أقوي وأكثر تحررا بفعل غياب القادة المؤطرين لها، وسد مجاري الضغط الذي تمارسه قوي التشغيل والحكومة، لإجهاض أي حراك ودفع العمال إلي قبول المقترحات التي تقدمها كلما تأزمت الأمور.
لقد كانت حركة العمال بقيادة محمدو ولد النهاه بأزويرات سنة 2012 أكثر تعبير عن انهيار الكونفدراليات النقابية بموريتانيا، بعدما تحول أغلبها إلي وسيط غير نزيه، أو معاون للأجهزة الحكومية وكبري الشركات بموريتانيا.
ثم كانت الضربة الثانية للنقابات العمالية في نواكشوط 2013 حينما قاد "شمس" أحد الحمالة البارزين اضراب الميناء، منهيا هيمنة كبري النقابات المحلية، ومعطيا لرفاقه حق التفكير والتحرك والإضراب خارج الأطر المتهالكة.
ولعل أسوء ما في الأمر تعرض بعض النقابيين للضرب بعدما حاول أحدهم افشال الحركة الاحتجاجية للشغيلة، واضطرار آخرين لتلبية مطالب السلطة من خلال اصدار بيانات تشكك في مشروعية الإضراب الذي قاده الحمالة، واعتباره تقويضا للنقابات العمالية المعروف عليها، والأسس المتعارف عليها لأي حراك.
ولكن الجهات الحكومية تحت الضغط المباشر للحراك النقابي اضطرت إلي تجاوز النقابات، وتفاوض مع "شمس" ورفاقه، ووقعت معهم اتفاقية معلومة لانهاء الأزمة، مما شكل ثاني صدمة لمروز الحركة النقابية بموريتانيا، ودفعهم إلي التعبير عن خيبة أمل كبيرة جراء تفاوض السلطة المباشر مع العمال دون يافطة نقابية وتشجيع التمرد داخل النقابات، رغم ما اظهرته من مرونة واندفاع لتلبية مطالب السلطة الحاكمة بموريتانيا.
وقد اظهرت الأزمة الحالية في مدينة أزويرات استيعاب الأجهزة النقابية بموريتانيا لدروس السنوات الفارطة، مما حدا بها إلي التأقلم مع حراك العمال، وتنخرط في التعبئة للإضراب دون احترام النصوص القانونية، كوضع اشعار بالإضراب أو انتظار التحكيم.