سعادة الرئيس محمد فال، أنت أيضا سعادة السفير والوزير والكاتب والمناضل.. تزدحم على لساني الألقاب حين أريد مخاطبتك سيادة الرئيس، ولا أدري أيها أنسب للمقام.
لا يفوتني طبعا أن العرف جرى بمخاطبة المسؤولين بالوظيفة التي يتقلدون حاليا. وهذا يقتضي مخاطبتكم بالرئاسة، فأنتم الآن رئيس للجنة المستقلة للانتخابات، ولكني حريص على مخاطبتكم بكل الألقاب التي حملتم لمناسبتها لمقام الخطاب..
قد يكون في استحضار مهامكم ووظائفكم السابقة نوع من التذكير بأني لم أكتب إليكم حين كنتم تتولون أيا من تلك الوظائف رغم أن ظروفا اقتضت ذلك في تلك الأحايين، ولكني فضلت عدم شغلكم بقراءة الإنشاءات الطويلة.
اقتضت المناسبة أن أكتب إليكم وأنتم وزير للخارجية، وكنتُ ناشطا في مقاومة التطبيع يومها، وكان من مقتضيات مهامكم الإشراف على سفارات موريتانيا بالخارج التي منها السفارة الزائلة من تل أبيب. لم أكتب إليكم، يومئذ.
وحين توليتم السفارة في داكار، وسمعت أحاديث متداخلة عن علاقاتكم حينها، اقتضى ذلك أن أكتب إليكم، ولم أفعل.
وحين كنتم ترأسون المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ربما اقتضى الأمر التواصل معكم، ولم أفعل.
السيد الرئيس أتمنى أن تنظروا إلى هذه الرسالة بعين الدبلوماسي، ومسؤولية الوزير، وصلاحيات الرئيس.
إذا قررتم سيادة الرئيس زيارة الأهل في مكطع لحجار، وتجاوزتم مدينة واد الناقه. اصبروا قليلا فسيكون إديني إلى يساركم بعد أقل من 10 كلم، انتبهوا للناحية اليمنى من الطريق.. ستلاحظون منازل مصطفة في الوادي بشكل شبه منتظم، تلك هي قرية التوفيق 1. يمكنكم التوقف للسلام، وللتزود من أي شيء تحبونه، ففي تلك القرية منازل شيدت على كرم الضيافة.
يمكنكم طلب دعوة صالحة فثمة عجائز لا تحجب دعواتهن، وشيوخ لا تحتجب عنهم السماء. متأكد من أن توفيقكم في المهمة المنوطة بكم الآن سيتحقق لو فزتم بدعوة من هناك.
لو مررتم من هناك قبل يوم التصويت وإنجاز مهمتكم ربما تفوزون بأكثر من الدعاء سيادة الرئيس.. ستسمعون شكوى مهمة يفيدكم أن تسمعوها، ويفيدكم أكثر أن تنصفوا شاكيها.
السيد الرئيس ستسمعون أن اعتداء سافرا وقع على قريتي المسالمة الوادعة، ولبالغ الأسف استخدمت اللجنة التي تقودون فيه استخداما بشعا. بما يعني أنكم من يتحمل مسؤولية الاعتداء السافر علينا هناك. أولئك الشيوخ والعجائز، أمهات، وجدات، آباء، وجدودا، اعتُدِي على إرادتهم، وفي طريقك إلى أن تكون الشاهد الأكبر على نتيجة ذلك الاعتداء سيادة الرئيس، الوزير، السفير.
لقد قبل مندوب لجنتكم الموقرة في واد الناقه أن يكون الأداة المباشرة لذلك الاعتداء السافر، وتعمدوا شرخ القانون، بتسجيل مئات (أو آلاف) الناخبين الأشباح ممن لا تعرفهم المقاطعة ولا يعرفون كيف ينطقون اسمها.
قريتي الوادعة كانت ضحية لجلب مئات (أكثر من ألف) من هؤلاء ممن استغلت حاجتهم المادية، وجهلهم بالقانون وبالأعراف الديمقراطية. إن هذه ليست مجرد عملية تزوير تقليدية يؤثر فيها على إدارة الناخب بالإغراء المادي أو المعنوي، ذلكم أصبح عاديا، مألوفا، للأسف لقد ألفناه، إن هذا نمط جديد من الاعتداء لم يسبق أن جربناه.
افترض أن سكان كرمسين اقترحوا على حضرتكم أن تدعموا مرشحا لبلدية مكطع لحجار، افترضوا أنهم سيصوتون لاختيار عمدة المكطع، ماذا سيكون شعوركم؟
بالكاد يصل ناخبو التوفيق إلى 300 ناخب، ومع ذلك سجل فيه الآن ما يفوق ألف ناخب. عانت كثير من قرى المقاطعة من الظاهرة، ولكن التوفيق عانى منها أكثر.
السيد الرئيس إن هؤلاء الذين اجتلبوا هؤلاء الناخبين الوهميين يخططون للإساءة إليكم والاعتداء علينا.
أرجوكم سيادة الوزير السفير الرئيس... ارفعوا الظلم عنا وجنبوا نفسكم الإساءة. دعهم يزوروا التزوير المعتاد، تزويرا يعتدي علينا بدرجة أقل، ويسيء إليكم بدرجة أقل. فقط ألغ هذه الآلاف، اشطب تلك القوائم الوافدة إلى التوفيق، وإلى مقاطعة واد الناقه.
امتلكت وقتا للكتابة إليكم، وهناك آلاف الشباب في مئات القرى، وعشرات المقاطعات يعانون نفس المعاناة، وفي كل قرية وكل بلدية، وكل مقاطعة، ثمة من يخطط للإساءة إليكم والاعتداء على إرادة أكثر من مليون ناخب عهدتهم الآن في عنقكم وينظرون إليكم، وينتظرون من موقف رئيس وقرار رئيس... فلا تخذلوهم فهم التاريخ والمستقبل، وهم المجد.