يشكل الاحتفال السنوى للمدن القديمة بموريتانيا محطة بارزة فى مسار الرؤية التنموية للمدن القديمة، وفرصة لاستعراض أبرز المشاكل المطروحة لديها، وسط طغيان المظاهر فى بعض الأحيان على الرؤية الجماعية للواقع المر الذى تمر بها المناطق المستهدفة بالحدث الأهم فى مسار المنطقة منذ إقراره.
ويترأس الرئيس محمد ولد عبد العزيز الحفل السنوى للمدن القديمة بولاته للمرة الثانية منذ وصوله للسلطة، وسط استقرار برنامج الرئيس على بعض الأماسى الثقافية التى ينعشها سكان العاصمة نواكشوط وبعض دور الجوار، والمحاضرات التى يتولى بعض المثقفين فى العاصمة نواكشوط احتكارها، بينما يترك لسكان المنطقة سباق الخيل والحمير و"ظامت" و"سيق" ، رغم أن بعض الممسكين سابقا بالملف أستثمر فى سباق الحمير فى مناطق الشمال، مستغلا عزوف السكان عن ممارسة اللعبة، وندرة الحمير فى المنطقة، وذلك لكسب عوائد مالية من المهرجان.
ويشكل مهرجان المدن القديمة المقرر تنظيمه فرصة لتغيير الصورة، ومنح السكان فرصة للإستفادة من الحدث، عبر انعاش الليالى الأربعة للموسم من طرف بعض الفرق المحلية، واستعراض نماذج من تراث المنطقة وأجواء العيش فيها، وتوسيع المهرجان ليستفيد منه سكان الريف، وكل سكان "ولاته" فى موسم الإنتخابات من أهل الريف (80% على الأقل فى القرى والأرياف المحيطة بها).
ويتطلع سكان مقاطعة "ولاته" وبعض المناطق المجاورة لها إلى زيارة الرئيس للمنطقة بالتزامن مع الذكرى المقرر تنظيمه للإستقلال بمدينة النعمة، واستغلال الوقت المتاح لديه فى المناطق الشرقية من أجل زيارة سكان المنطقة، ممن شاهدوا طائرته أكثر من مرة، لكنهم لم تتح لهم الفرصة لرؤية رئيس دولة منذ الإستقلال.
وتقول نائب رئيس المجلس الجهوى فى الحوض الغربى مت بنت باب، إن زيارة الرئيس للآبار الواقعة فى قلب الصحراء، والإطلاع على واقع التعليم والصحة والتنمية يكون أكثر فائدة للسكان، ولفته تحتاج إليها المنطقة بالكامل.
وتعتبر أن الخطوة تشكل مطلبا حيويا للسكان، لكنه مطلب لم يلق آذانا صاغية رغم كل الأحكام التى تعاقب على البلد، ولايزال الأمل بشأنه تحقيقه قائما، وربما تكون فترة الإحتفالات السنوية بعيد الإستقلال أبرز فرصة لتحقيقه، حيث يعتبر الحوض الآن على موعد مع أحداث نوعية، قد تمهد لإعادة النظر فى الكثير من السياسات التنموية والمشاريع الحيوية الموجهة إليه، كما أستفادت مناطق أخرى فى الوطن من مشاريع مشابهة تم إقرارها من قبل الرئيس والأجهزة التنفيذية المساعدة له فى مناسبات مشابهة.
ويعتبر " بوبريكه" و" لعيون الخظر" و" أمريحيم" و"أم ركبه" و"ورق أنقط" و"تقورارت" و"بوتزايه" و"حاسى ولد أحمد صالح" من نقاط المياه الحيوية بمنطقة ولاته،والتى يتمركز فيها أكثر من نصف السكان المنتمين للمقاطعة، وتنعدم فيها الآبار الإرتوازية، والنقاط الصحية، ولاتوجد بها غير مدرسة واحدة، ولم يسبق أن زارها رئيس أو وزير أو رئيس حكومة منذ استقلال البلاد عن فرنسا 1960، تماما كما هو الحال للشريط المحاذى لها ( أخظوره/ ولقليه/ أطويل/ وأم الحياظ/ و"أبير الصكه)، وهو شريط تعبره السيارات الصغيرة، والعابرة للصحراء على حد سواء، وتوجد بها ثلاثة أسواق شعبية يرتادها أسبوعيا أكثر من 20 ألف شخص، وتوجد به كثافة سكانية تتجاوز 35 ألف نسمة، موزعة بين ثلاثة مجالس محلية ( أطويل / أنولل/ أم الحياظ) ، ولكنها تقع بالكامل شمال طريق الأمل، وهو ماحرمها من أي زيارة تبرمجها الجهات الإدارية لأي مسؤول مهما كان حجمه، ناهيك عن ضعف البنية التحتية، وترك السكان فى مواجهة واقع صعب فى الصيف، ومريح فى الخريف والشتاء.