في الرابع عشر من يناير 2011 زار الوالي الشاب الشيخ ولد عبد الله قرية ترمسه مصحوبا برئيسة منظمة "أمل" ، ضمن حملة انتخابية سابقة لأوانها، وإلي جانبه كان "وان بيران" مدير الإسكان بأكثر الوزارات انفاقا للمال العام خلال حكم الرئيس الحالي، وأكثرها اثارة بحكم استشراء الفساد فيها.
انشغل الوالي بالثناء علي الجمعية ورئيستها -وهو جهد اثمر انتخابها في نوفمبر 2013 عن دائرة كوبني بأصوات سكان ترمسه المطحونين- ، بينما قام مدير الإسكان "وان بيران" بشرح خطط الحكومة، ومستقبل التجمع الذي وصف بالتجربة النموذجية من قبل أركان حكم الرئيس.
قال المدير وهو ينظر إلي وجوه الضحايا عن قرب إن التجمع الجديد سيتمتع بثلاث مضخات مائية اثنتان منها ستستخدم خلال المراحل الأولى والثالثة احتياطية ،وسوق مركزي وآخر للحيوان ومنشآت عمومية بعضها عاجل كالمستوصف الطبي ومدرسة من 6 فصول ومقر للدرك ومسجد، وبعضها مؤجل كالإعدادية والثانوية وغيرها من المنشآت التي أدرجت في التخطيط العمراني للمدينة .
وانتهت المهزلة
في الرابع عشر من نوفمبر 2012 زار الوالي الشيخ ولد عبد الله سكان ترمسه، حاملا وعود الرئيس وآمال الإصلاح، كانت البسمة بادية علي الأوجه، وكان الحماس كبيرا في اجتماع الحاضرين.
تفاخر الوالي الشاب – بعد أن أمن مستقبل أولاده- بالوضع الجديد الذي آلت إليه المدينة، لقد تحول السكان من 22 قرية بها 22 فصلا دراسيا إلي تجمع بشري واحد، فيه مدرسة واحدة، بها ستة فصول!.
480 من تلاميذ المدارس المهدمة، سيحشرون كالخراف في ستة فصول فقط، 268 تلميذة وصلوا إلي التجمع الجديد وآمال التمتع بالجو المدرسي أكبر حافز لهم، لكنهم اليوم تسربوا من ابتدائية المدينة، لقد مل الجميع الحشر في أفران "ترمسه" (90 تلميذ في فصل لا يتجاوز خمسة أمتار)!.
لعل أجمل ما في المدرسة هو اجبار التلاميذ علي التكيف مع واقع المدينة، وقضاء الحاجة في حمامات "ترمسه" التي تحولت إلي موضة بين الوافدين الجدد، وانتهي استعمالها مع أول أيام تشدين الرئيس لها بعد ذلك.
سلسلة من الوعود الزائفة كانت الأيام كفيلة بتفنيدها، وآمال عريضة حطمتها الظروف القاسية للسكان، ومستقبل غامض يحاول المتظاهرون اليوم التخفيف وطأته عبر طرق بوابة القصر الرئاسي الموصودة بالتقارير الكاذبة عن آلام الشعب وهمومه .. فهل يستجيب الرئيس لصراخ الجياع بترمسه، ويتذكر حجم الآمال التي أملوا فيه؟ أم الرئيس مشغول بترتيب بيته الداخلي عن صورته الخارجية المهتزة، وسمعة نظامه التي باتت في الحضيض؟
وزعت جمعية أمل 40 مليون أوقية بالتجمع منذ تأسيسه، ورد أصحاب التجمع الجميل وأكثر ابان نزاع الشيخ ومريديه في نزال كوبني 2013، لكن ظلت مجمل دوائر السلطة الأخري غائبة أو مغيبة، وظل الفقراء سنشدون عطف السلطة أو حنان الرئيس المشغول بتدبير حكمه دون جدوي، غير أن شبح الجفاف، وارتفاع وتيرة الملوحة في المياه، وتعثر المشاريع التنموية، وفقدان اغلب رموز التجمع الثقة في المنتخبين المحليين والإداريين المعتكفين في مكاتبهم الوثيرة بالولاية، عجل من حراك الشارع نحو المجهول، ودفع برموز التجمع وشيوخه إلي التحرك من أجل لفت انتباه الرئيس إلي المشروع الذي تحول إلي مكروه بالفعل، قبل أن يفتي سوء الحال بتحريمه.
زهرة شنقيط