اطلعت على مقابلة لموقع زهرة شنقيط مع الأستاذ الحضرامي أحمد الطلبة حول قضية مشاركة السلفيين في السياسة المنتهجة الآن في البلد ووجهة نظره الشخصية فرأيته صرح ببعض التصريحات تحتاج بعض الملاحظات لتخصيص ماعمم أوتعميم ماخصص.
_الإشارة الأولى : يجد القارئ صعوبة في مقابلته من جهات متعددة أهمها
١-عدم توثيق نسبة الأقوال لمن نسبت إليه
٢-عدم وجود الأدلة والمبررات الشرعية للموقف
وهذا يخالف الطرح المنصف للقضايا واحترام عقل القارئ لأن مخالفة الواقع فيها نوع استخفاف بعقل النبه .
_الإشارة الثانية : قلتم في الإجابة على السؤال الأول عن موقف السلفيين
(في حدود علمي انه لايوجد أحد ممن يعتد به من أهل العلم من السلفيين يرفض الديمقراطية والمشاركة السياسية على نحو ما كان في السابق وإن كان بعضهم ما زال يتجنبها فعليا تغليبا لجانب الورع والابتعاد عن الشبهات ولا يثرب على غيره من المشاركين سواء من الإسلاميين عموما، أو السلفيين خصوصا.)
كيف نفهم قولكم هذا فضيلة الأستاذ إذاقارناه بالواقع المحسوس للسلفية التي دبج جل بل خيرة من يشار إليه فيها بمنع المشاركة ولعل الورع إنمادخل على بعض القوم في تنزيل الحكم على المعينين المشاركين لكن منع المشاركة مماشاع وانتشر ومن العجيب فوات ماعلم بالضرورة عند السلفيين على أمثالكم.
وإليك الأدلة :
من أعلام الشناقطة والسلفيين خصوصا الذي منعو المشاركة في الديمقراطية
١-العلامة إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدي
وقد كتب في منع المشاركة ودون رسالة بعنوان إتحاف الأخوات كانت معانيها
..... كسطور الضادوالطاذهبا
في جنب سطر بمداد كتبا
وقال مانصه :
"فنحن نعلم يقينا أن الديموقراطية الغربية التى بنيت عليها هذه الانتخابات مذهب مناقض للإسلام فى الأصول، وقد بينا ذلك فى خطب ودروس ومجالس كثيرة."
وقال أيضا
"وصفوة القول أن هذه الحملاتِ الانتخابيةَ محرمة جملة وتفصيلا"
نقلا من رسالة إتحاف الأخوات بحكم المشاركة في الإنتخابات كتبها إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدي
-غرة شهر الله المحرم عام ١٤٣٥ هجرية -
فهل هذا الشيخ ممن يشار إليه أم لا ؟
"أهل السنة يقولون مالهم وماعليهم "
٢-الشيخ الإمام أحمد بن الكوري العلوي
ألف كتابا رصعه بالدرر البهية والمباحث الشرعية والنقولات العلمية في كفر الديمقراطية ومنع المشاركة الإنتخاببة سماه ب "فتنة الديمقراطية" جمع فيه ومنع وهو من نفائس الكتب بل ماكتبت سلفية شنقيط مثل كتابه ذالك الذي جمع فيه من بطون الكتب أهم مايحتاجه المكلف في نازلة العصر التي غزت المسلمين في عقر دارهم .
حيث قال مانصه في مقدمة كتابه :
(...إن الأمة الإسلامية لم تنتصر باستعارة مبادئ الآخرين ونظمهم وأديانهم وإنما انتصرت بتمسكها بالدين الإسلامي وحده.
وإن من أعظم الفتن التي أصابت المسلمين في هذا العصر هي فتنة الديمقراطية الغوغائية التي تؤله رأي دهماء الناس وعوامهم، وكأنها هي المشار إليها بقول ثم فنتة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته .. كما خبر الصادق المصدوق لطمة، فإن قيل انقضت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، إذا كان ذلكم فانتظروا الدجال من اليوم أو غد.
لقد نجح اليهود والنصارى في جعل الإسلاميين يتبنون الدعوة إلى الديمقراطية »بحرارة واندفاع لافتين للنظر . ولقد شهدت الساحة الإسلامية مداً لبساط المناداةبالديمقراطية ، يقابله انحسار في الدعوة إلى تبني الإسلام ؛ وراح الخطاب الدعوي الإسلامي لدى كثير من الحركات الإسلامية يلهث وراء هذا السراب اللامع الخادع .
ولقد زين الشيطان لكثير من المسلمين زخرف الديمقراطية ، وأوهمهم أن دعوتهم للديمقراطية لا تتعارض مع دعوتهم إلى الإسلام ، ومن هنا ، انبرى كثير من الإسلاميين للمشاركة في اللعبة الديمقراطية مدعين أنها الطريق الأمثل والأفضل والأحسن ، وعند بعضهم الطريق الوحيد ، للوصول إلى الحكم بالإسلام ، وأن
الإسلام لا يمكن تطبيقه إلا من خلال المجالس النيابية المنتخبة بإدارة شعبية ، بزعمهم.
وهكذا راح الإسلاميون ينفقون أموالهم بسخاء عجيب لدعم حملاتهم الانتخابية ، موظِّفين شعارات الإسلام وتطبيقه في خدمة مأرب وصولهم إلى كراسي المجس العتيد وقد تكشفت النتائج عن أمور مخزية.
لقد سارع كثير من المسلمين إلى الديمقراطية يغازلوها ويخطبون ودها، وقدغرهم زخرفها وانخدعوا ببهرجها.
فأردت من خلال هذا البحث هتك أستارها، وكشف أسرارها، فإذا هي على
حقيقتها عجوز ثيب شمطاء ذا أنف هائل، وعقل زائل، ولعاب سائل، وشق مائل، بل امرأة بغي لا تثبت مع زوج، إنما تخطب الأزواج ليستحسنوها، السير في ظلها سير في أرض مسبعة، والسياحة فيها سياحة في غدير التمساح، المفروح به منها هو عين المحزون عليه، آلامها متولدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها.)نقلا من كتاب فتنة الديمقراطية (ص ١ .٢).
٣-الشيخ الداعية والخطيب المفوه محمد سالم المجلسي وذلك من خلال دروسه ومحاضراته حتى صارت علما على الدعوة لحاكمية الشريعة .
وألف رسالة سماها المنهل الميمون في الدعوة إلى الشرع ونبذ القانون
وهونظم لطيف سلس العبارة بليغ المعنى والإشارة
ولاغرو في ذلك
..........إذنظمها يهمه
فالبدوي شيخه وعمه
ومن لطيف ماقال فيه :
قول ذوي التفريط والإفراطِ
إنَّ نظام الشرع ديمقراطي
لا يبتغيه غيرُ ذي انـحلالِ
من اتباعِ شرع ذي الجلالِ
هذا وإنَّ الحكم ليس إلاَّ
لله ربِّ العالـمين جلاَّ
وإنَّ شرعنا القويـمَ وافي
بـحاجة العباد وهْو كافي
من رام دون حكمه دمقرطهْ
خرَّب ركن دينـه وأسقطـهْ
وإنَّـها في العرف حكم الشَّعبِ
إذا ارتقى لـمرتقاه الصَّعبِ
قد أشركوا في حكمه عبادهْ
وشركهم كالشرك في العبادهْ
فهذه المنظومة البديعة أجمل فيها مافصله في محاضراته ونشاطاته الدعوية نسأل الله لنا وله القبول .
فهل هذا الثلاثي ممن يشار إليه من أهل العلم في السلفية أم لا ؟
فإن كنت لاتدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
وهذا الثلاثي يعتبر رأس الحربة في الدعوة السلفية
الشيخ إبراهيم في العلم والإفتاء
الشيخ أحمد كوري في التأليف والجمع
الشيخ محمدسالم المجلسي في الخطابة والكنابة والدعوة.
كما أن بعض المشايخ والمحدثين لم يكتبو لكن مواقفهم معلومة وعلى رأسهم
٤- الشيخ المحدث محمد بن الدي فهذا هو الآخر ضد المشاركة بكل أنواعها وإن كان شغله الإسناد وبحكم الظاهر عليه فظاهريته لاتسمح له بذلك حسب قياس من يقول بالقياس ....
٥-أماالشيخ المحدث والإمام محمد سيديابن اجدود النووي فهو الآخر لم يكتب ولاينسب لساكت قول وإن كانت لدي محاضرة للشيخ بين فيها منع المشاركة ومخالفتها للشريعة وبين بطلان حجج المتلبسين ببعض الشبه كماسماها لكن يعسر علي الآن استخراجها ولم يبلغني عنه إلاتمسكه بمنهج السلف وبعده عن المحدثات وحسب معرفتي به فلاتستميله الحداثة والمعاصرة والمصالح الوهمية نسال الله لنا وله الثبات والتوفيق.
وأماباقي المشايخ كالشيخ مزيد والشخ الشاعر وفقهما الله فلانعلم عنهم دعوة للمشاركة بسند قوي وإن كانت الأقوال تتضارب بين الحين والآخر ببعض التلميحات والتصريحات بجواز المشاركة وعدم جدوائيتها في الوقت الحالي ولكن لم نجد مايثبت ذلك عنهم من ناحية التوثيق بالكتابة أو القول ولذلك نبقى على الأصل وهو عدم الثبوت حتى نجد الدليل القاطع او النقل الموثق فالأصل بقاء ماكان على ماكان نسأل الله لناولهم التوفيق .
وإن كان ثبت عندكم عنهم القول بذلك فأسند إليهم او وثق عنهم لنرى رأيهم الشرعي في القضية .
وأماالشيخ المربي محفوظ ول الوالد فمانعلمه عنه هو العمل على نشر الخير والدعوة والمتاح من فرص الخير والبعد عن تلك المداخل المشتبهة وهذه فتياه .
من هنا ستلحظ أيها القارئ أن جل مشايخ السلفية منع المشاركة وألف في ذلك وبعضهم سكت بل لم نسمع أن أحدا من طلبة العلم والناشطين الاخيار من دعاة المشاركة أوتحيز إلى ذلك من أمثال الشيخ ببكر ول محمدمحمود والأستاذ طارق محمد آب ونحوهم سوى مادونه الأستاذ شياخ ول اعبيدي من جواز المشاركة في الإنتخابات البلدية دون غيرها.
بقي السؤال من أين للأستاذ الحضرامي لانعلم أحدا من السلفيين ممن يشار إليه يمنع المشاركة ....بعدماذكرنا
ورحم الله ابن تيمية حيث قال :
"بل كما لا يجوز الإثبات إلا بدليل ، لا يجوز النفي إلا بدليل " " مجموع الفتاوى " (16/431).
وهذه العبارة فيها جرأة وقلة إنصاف لاتليق بالأستاذ الحضرامي وعليه مراجعتها وذكر من يخالف من مشايخ السلفية واحترام رأيه فمن يحترم رأي بيرام وباقي العلمانيين في قيادة الأمة فليحترم لمشايخ السلفية آراءهم العلمية على الأقل ... ومن مقتضيات البحث العلمي الأمانة في نقل أقوال المخالفين وعدم تجاهلهم .......مع الرد على مايخالف الحق من أقوالهم.
وهذا ماافتقدته الفقرة الأولى من كلامكم وفقكم الله.
وإلاكيف نفسر حملكم لرأي المخالف بالشعور النفسي في قولكم :
(وبالنسبة للمواقف الرافضة للعمل السياسي مع استبعادي لوجودها إلا أنه في حالة وجدت ولو كشعور نفسي عند بعض السلفيين فإني أرى ضرورة مراجعتها وإعادة تأصيلها).
الإشارة الثانية : التأصيل الحصري للمشاركة
قال الاستاذ الحضرامي :
( فإني أرى ضرورة مراجعتها وإعادة تأصيلهابين العمل على الممكن والسعي للمطلوب، فالمطلوب لا يتأتى دفعة، وإنما بالزيادة في فرص الإمكان وتوسيعها والعمل عليها.)
ضرورة المراجعة وإعادة التأصيل لاتعني الانخراط في الممنوع والتحاكم للطاغوت نسأل الله العافية.
والكفر بالطاغوت فضيلة الأستاذ ليس قضية شعورية فحسب بل عقيدة راسخة وإيمان عند أصحاب الشعور السلفي وعليه فالتأصيل في المشاركة لاينحصر في العمل على الممكن والسعي للمطلوب
بل لوافترضنا هذا التأصيل الذي لانسلم به ابتداء
فالممكن داخل في حيز الشرع ولايعني مجرد العوارض المصلحية المتغيرة
وفعل الممكن في المطلوب مقدم عليه ترك المنهي في اللازم وقس ......قال في الكوكب :
(فالترك للحرام إن تعذرا إلابترك غيره حتما يرى)
والزيادة في فرص الإمكان المشروعة والسعي للمطلوب في ظل الديمقراطية يلزم منه الدور والتسلسل في نطاق التطبيق الواقعي
الإشارة الثالثة : أسس دعم مرشح معين
قال الأستاذ الحضرامي ( وبالنسبة لقضية الدعم فإنه من المستبعد دعمي لبعض المترشحين مع احترامهم، نظرا لتناقض بين المشاريع فخياراتي محصورة في المرشح محمد ولد الغزواني أولا والأستاذ محمد ولد بوبكر ثانيا ،وما زلت لم أحسم بشكل نهائي هذا الموضوع ، لأن مبررات الدعم ومبررات الرفض متقاربة في الرجلين إذا استثنينا ما يتعلق بالدولة العميقة ومدى قدرة أحد الرجلين على تنفيذ وعوده الانتخابية، وهذه الأخيرة قد تكون لصالح غزواني نظرا لأنه خرج من رحم الدولة المعنية باتخاذ القرار، والتي لها القدرة على إدارة المشهد إدارة تضمن عدم التعثر في الأيام المقبلة والرجوع إلى مربع الانقلابات كما حدث في ...)
وحقيقة هذه الأسس بعيدة من الكفاءة والشروط المعتبرة شرعا وحقا كمايقال من خاض في غير فنه جاء بالغرائب السلفية لاتصلح لممارسة اللعبة العلمانية وكلامكم هذا تشم فيه رائحة النهج المصري حزب النور الذي تتبع خطوات الشيطان في طاعة الدولة العميقة حتى انسلخ من القيم الإنسانية والشرعية ليظل أداة أو دمية بيد السيسي يهلك بهاالحرث والنسل
وبما أننا مالكية على قول لانحتج بعمل أهل مصر
وخصوصا أن البعض لايرى حجية عمل أهل المدينة وهم من هم في العلم والفضل واجتناب الديمقراطية فكيف بمن دونهم .
تلمسكم وترجيحكم للدولة العميقة العسكرية في الاختيار لايتناسب مع منهج السلف أكثر ممايتناسب مع منهج سلفية ابن سلمان وسلفية السيسي وسلفية حفتر ونحوهم ممن جعلو غايتهم العمق المخالف للدين والمتحكم بالقهر والاستبداد والجور والظلم .
وللأمانة فصاحب الدولة العميقة عادة لاترجحه الشروط والاعتبارات المصلحية وإنمايرجح لأمر خارج لادخل لاختيار الناس فيه ومن رضي بذلك فله ذلك وهذه هي الصراحة رغم عدم إمكانياته وعجزه من جميع الجهات فماهو إلاامتداد لنظام مفسد قبله .
والأصل في اختيار هذا النوع من العمق هو مواصلة الإفساد والبغي وإظهار التحكم لأن تسليم الحكم للعاجز معلوم العاقبة فالمتصرف هو الأول وهذا هو العمق الذي يلزم الفرار منه لاالاختيار على اساسه .
نسأل الله التوفيق والسداد وحسن الختام.
وكتبه إيمانا واحتسابا محمد بن محمد الأمين الطالب إبراهيم البخاري