باتت اللجنة المستقلة للانتخابات بموريتانيا أكبر عائق فى وجه الفرقاء داخل الساحة السياسية من أجل تنظيم انتخابات تنافسية يشارك فيها الجميع، ويعترف الجميع بنتائجها، بغض النظر عن الفائز بمنصب الرئيس.
لقد تحولت اللجنة المستقلة للانتخابات من أمل لدى النخبة السياسية، ودليل نضج للعملية الديمقراطية، ولحظة فارقة فى مسار التعامل مع مخاوف المعارضين، ورسالة طمأنة للمشاركين فى السباق الرئاسى منذ تأسيسها سنة 2006، إلى نقطة ضعف الانتخابات الوحيدة، ومصدر قلق لدى مجمل المشاركين فيها، ونافذة أزمة قد تعصف بصورة الاستحقاق الأبرز بموريتانيا، وتضع البلد فى مسرح الخلافات السياسية من جديد.
تقول القوى السياسية المعارضة إن لجنة الأصهار والأقارب – كما يسميها بعض السياسيين- غير قادرة على تنظيم انتخابات رئاسية توافقية، بحكم دعم 10 من أعضائها لمرشح واحد، وغموض موقف العضو الآخر.
ويقول معسكر الأغلبية الداعم للمرشح محمد ولد الغزوانى إنه يأمل فى تنظيم انتخابات توافقية، تسمح للفائز بإدارة البلد دون تشويش، وتقنع الخاسر ، بأن الشعب منحه مايستحق دون تغيير أو تزوير.
يتولى وزير الخارجية السابق محمد فال ولد بلال إدارة اللجنة، بعد أن قرر رئيسها الراحل ديدى ولد بونعامه عليه رحمة الله مغادرة مقعده، تاركا الفرصة للفرقاء من أجل اختيار من لديه القدرة البدنية على تسيير اللجنة، فى وقت تتطلع فيه القوى الموريتانية إلى عهد جديد من المشاركة، ويطمح فيها أركان النظام إلى توطيد الديمقراطية والاستقرار.
تزامنت الاستقالة من نهاية تربص قاد الوزير محمد فال ولد بلال إلى صفوف المعارضة، قبل أن تجذبه أحلام السلطة، وهو ابنها المدلل، إلى غاية الإطاحة بالنظام الذى كان يتولى فيه منصب وزير الخارجية سنة 2005.
يتقن ولد بلال الشعر الحسانى، ويزاحم كبار المدونين فى التدوين، ويناور كلما أشتد عليه الضغط، يختفى ويعود، لكنه لم يتمكن من استثمار الثقة التى كان يحظى بها فى معسكر المعارضة لصالح سمعة اللجنة ومكانتها بين الفرقاء.
قبل أيام قليلة حاول الوزير محمد فال ولد بلال الخروج من مأتم اللجنة الذى فرض عليها بعد مهزلة الشوط الثالث بنواكشوط نهاية سبتمبر 2018، وظهورها بمنطق الضعيف أو المنحاز. وأستجلب بعض الإعلاميين إلى مقر اللجنة من أجل طمأنة الشارع السياسى، وإقناع النخبة المشاركة فى السباق، لكن الجدل أستمر، فالأزمة ليست فى التجهيزات، ولا رصد الأموال الكافية، ولا وجود تطبيقات قادرة على حذف أسماء الأموات، بل فى مصداقية الإجراءات المتخذة، وإقناع النخبة بأن "لجنة الأصهار" قادرة على إدارة استحقاق بحجم التحول الحاصل فى موريتانيا خلال المرحلة الحالية.
يدرك مجمل النخب السياسية بموريتانيا قيمة التحول الديمقراطى الحاصل، لكنهم يدركون كذلك أن تضييعه يكمن فى التمديد للجنة الحالية دون تغيير أو تبديل. ويجزم آخرون أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمغادرته السلطة يكون قد حمى دستور البلاد من التغيير، لكنه بمحافظته على اللجنة دون التعامل مع مخاوف منتقديها يكون قد عرض مسار التحول الحالى للكثير من اللغط، وبدد نقاط قوة كان يمكن استغلالها من خلال تنظيم انتخابات تنافسية لايشارك فيها الرئيس، وتحظى لجنتها المستقلة بدعم سياسى كبير ..
زهرة شنقيط