أتيحت لى خلال العشرية الأخيرة فرص كثيرة للاطلاع على العديد من الملفات الداخلية وتسيير النظام لبعض الملفات الخارجية، وكانت للرئيس المغادر محمد ولد عبد العزيز مواقف مسؤولة من العديد منها، وأخطأ فى أخرى بحكم الثقافة والتصور والمحيط؛
(*) كان موقفه الرافض للتدخل العسكرى فى مالى من أهمها وأكثرها حكمة، رغم الضغوط الهائلة والجبهة الداخلية الهشة. لقد رفض التورط فى جحيم أزواد، رغم مواقف معارضيه السلبية واتهامه المتكرر بالاستعداد لخوض حرب بالوكالة. بل إن البعض كان يهاجمنا حينما ننشر رواية مغايرة لما يتصوره فى ذهنه، وخصوصا رفض الرئيس محمد ولد عبد العزيز القاطع لأي تفاوض مع الفرنسيين حول الملف، والكلام الحاد الذى وجهه للسفير الفرنسى وسفراء الاتحاد الأوربى، ورفضه استقبال الرئيس فرانسوا أولاند، فى بعض زياراته وإبلاغ الجيش بموقفه الحازم من أي انتشار للقوات الموريتانية تحت مظلة الفرنسيين فى مالى أو غيرها.
وهي مواقف جنبت البلاد ويلات تتخبط فيها دول أخرى كانت أكثر خفة وتناغما مع الضغوط الغربية والمخاوف الداخلية من ظهور البديل.
(*) موقفه من القضية الصحراوية ، والذى كرس الاعتراف الفعلى بها وأعلى من مصالح البلاد الأمنية وعلاقاتها الخارجية على مصالح متوهمة، ومخاوف ظلت ترافق مجمل حكام البلاد ونخبها من المخزن وتحكمه فى مسار الأحداث بالمنطقة، وكانت جلسته مع الوفد المغربى بشأن منطقة لقويره تتويج لتلك المواقف، مع رفضه زيارة المغرب طيلة السنين العشر الماضية، بعد أن رفض الملك محمد السادس زيارة موريتانيا.
(*) قطع العلاقات مع الكيان الصهيونى والانفتاح على حماس وإيران و حزب الله، رغم أن المحور الذى يصنف ضمنه لديه مواقف معلومة ومشينة من المقاومة وكل الحركات والدول الداعمة لها.
(*) موقفه من القضية الازوادية والذى حول الحركات المسلحة بالصحراء المالية من خطر يتهدد البلد ، إلى قوة ناعمة تضمن استقرار الشريط الشرقى، وتتيح للحكومة الموريتانية المناورة والحضور فى الملف المالى بشكل كبير.
لقد كان الدعم اللوجستى والاحتضان بنواكشوط والتدخل فى الخلافات الداخلية وتأمين الحركة لقادتها وتفهمه لمطالب التنمية بمالى، وموقفه الحاد من الرئيس السابق آمادو تومانى تورى، أبرز ما مكن من نسج تلك العلاقة الوازنة اليوم، والتى تلمس نتائجها بشكل مباشر فى الجبهة الأمنية ومناطق الطوق.
(*) كان موقفه من الثورة فى تونس والعلاقة مع قطر سلبيا للغاية ، ومبننيا على تصورات خاطئة، يستشعر صاحبها أنه مستهدف لمجرد خبر شكلى أو تغطية محدودة، وربما كانت صدمة رحيل الرئيس الليبى معمر القذافى بتلك الطريقة البشعة أبرز عامل شكل رؤية الرئيس للعديد من القضايا الخارجية، وخصوصا الدور القطرى بالمنطقة، رغم أنها كانت ولاتزال أكثر دول الخليج عقلانية وقدرة على التعامل باحترام مع الآخر.
(*) نقلا عن صفحة مدير زهرة شنقيط سيد أحمد ولد باب