فى نهاية يوليو 2019 أعلن بالعاصمة الموريتانية نواكشوط عن تأسيس جمعية ثقافية جديدة حملت عنوان " جمعية أوكار للثقافة والعمل الإجتماعى"، بقيادة الناشط الجمعوى الكنتى ولد حماه ولد المختار، وبمشاركة فاعلة من بعض أبناء منطقة أوكار.
شكلت الجمعية أول محاولة جادة بالمنطقة من أجل مواجهة الواقع المر الذى تعيشه، ولملمة شتات النخبة المنتمية إلى قضاء أوكار، بغية إعادة الاعتبار لمنطقة كانت إلى وقت قريب ، أبرز مصادر الاستقرار بمنطقة الحوضين، ومنطقة علم وتعليم، وخزان الثروة الحيوانية الأهم بموريتانيا.
حاولنا فى زهرة شنقيط معرفة أهداف الجمعية ، وآلياتها لمواجهة الواقع الذى آلت إليه الأمور بمنطقة أوكار، وعلاقتها بالمحيط الذى تنشط فيه.
فكان الحوار التاليى مع رئيس الجمعية :
زهرة شنقيط : أهلا بكم .. فى بداية هذا الحوار ..
ماهي أهداف جمعية أوكار؟ وكيف تأسست بالضبط؟
الكنتى ولد المختار : فى البداية .. شكرا جزيلا على هذه المقابلة، وعلى الفرصة التى منحتموها لنا فى زهرة شنقيط من أجل رسم صورة ولو تقريبة للحلم الذى نحمل فى جمعية أوكار، لسكان المنطقة وللمهتمين بالتنمية فيها.
نحن جمعية ثقافية، تهتم بالعمل الإجتماعى، وتنشط من أجل إعادة الاعتبار لمنطقة أوكار، ونفض الغبار عن موروثه الثقافى، والعمل من أجل تعزيز التنمية بالمنطقة وتطوير التعليم النظامى والمحظرى، ناهيك عن حمل هموم السكان، وطرح القضايا التى يعانون منها دون تسييس للقضايا التنموية أو تقصير فى التعبير عما يحتاجه الناس.
كان تأسيس الجمعية خلاصة لما أستقر عليه الرأي بين عدد من نخب منطقة أوكار، وخصوصا المنتمين للمجالس المحلية الأربعة : أم الحياظ، أنولل، أطويل، ولاته، ومحاولة لتأسيس عمل جماعى يهدف إلى رفع المعاناة التى يعانى منها أبناء المنطقة منذ بداية الجفاف الذى ضربها نهاية السبعينات، وطرح القضايا بإلحاح على الجهات الحكومية المسؤولة، والبحث عن حلول مقبولة لقضايا البطالة والفقر وضعف التكوين والعمل من أجل حل الإشكالات الثلاثة العميقة ، مشكل المياه، ومشكل الصحة، ومشكل ضعف التعليم بمجمل المناطق المشمولة بعمل الجمعية.
وقد أرتيأنا بعد فترة من العمل داخل المنطقة ، والاكتواء بالواقع المر الذى تعيشه السكان، تأسيس منبر لحمل هذه الهموم، وهو ما أفضى فى النهاية إلى تأسيس جمعية أوكار للثقافة والعمل الإجتماعى.
زهرة شنقيط : ماهي المشاكل المطروحة للسكان بالضبط؟
الكنتى ولد المختار : المشاكل المطروحة كثيرة ، ولكن أبرزها هو ضعف التعليم بمنطقة أوكار، فلامحاظر كبيرة يمكن الركون إليها، والآلاف من الأطفال خارج فصول الدراسة، البعض يعمل فى مهن شاقة، والبعض ينتظر بين ذويه دون تعليم أو عمل، المدارس محدودة، وبعضها تم اغلاقه، والطاقم التربوى قليل الحضور ونسب النجاح فى عواصم المجالس المحلية الأربعة جد متدنية، ويكفى أن المنطقة الواقعة بين "ولاته شرقا، وأم الحياظ غربا، وأعوينات أزبل جنوبا، وتيشيت شمالا" لاتوجد فيها مدرسة واحدة مكتملة، لاتوجد فيها إعدادية واحدة، لايوجد فيها مركز مهنى واحد، رغم أن عدد السكان فيها يتجاوز 67 ألف شخص.
هنالك مشكل المياه، فقل أن تجد أسرة، إلا وقد فقدت أحد أبنائها أو آبائها بسبب العطش، وهنالك مناطق لايوجد فيها حفر ارتوازى واحد، وهنالك مناطق الآبار التقليدية فيها مالحة، وهو مايتسبب فى انتشار الأمراض بشكل كبير، وخصوصا المنطقة الواقعة بين "أكدرنيت جنوبا، و"أبير الصكة " شمالا، وهو شريط يبلغ طوله 80 كلم، وفيها الآلاف من السكان، وأكثر من 20 بئر تقليدى، لكنها مالحة بالكامل، حيث يتم حفر الآبار دون تنقيب، وتغيب الدولة بشكل كامل.
زهرة شنقيط : ما ذا عن واقع الصحة بالمنطقة؟
الكنتى ولد المختار : الصحة ، كالتعليم والمياه فيها نقص كبير. لكي تعرف حجم المأساة، عليك فقط أن تعرف أن المنطقة بكثافتها البشرية وانتشار الأمراض فيها، لايوجد فيها سوى مركز صحى واحد هو "مركز أم الحياظ"، وثلاث نقاط صحية، هي : لقليه،أكدرنيت، وأطويل، وهي نقاط صحية، لامقار رسمية لها، ولا توجد فيها أدوية كافية لمواجهة الطلب المتزايد للسكان.
نحن اليوم فى القرن الواحد والعشرين، ومازال الحوامل يضعن أولادهن تحت الشجر، مازالت الثقافة الصحية منعدمة، مراقبة الحوامل محدودة، والاهتمام بعلاجهن غائب، الأطفال يولدون خارج المراكز الصحية، ويعانون فى الشتاء من الأمراض دون زيارة الطبيب بحكم صعوبة الجغرافيا ومحدودية الخدمة الصحية بالمنطقة، والملاريا تضرب السكان بشكل غير مسبوق كل عام فى ظل انعدام الثقافة الصحية، وقبل أسابيع قليلة كانت المنطقة مسرحا لمرض الحصباء القاتل.
نحن نتكلم عن منطقة تمتد على مساحة 300 كلم طولا و100 كلم عرضا، ومع ذلك لاتوجد فيها سيارة إسعاف واحدة، نتكلم عن أربعة مجالس محلية لاوجود فيها لمركز صحى خاص بالنساء أو الأطفال، نتكلم عن منطقة شاسعة لايوجد فيها مركز لمعالجة الماشية، رغم أنها تحتوى ثانى أكبر مخزون من الثروة الحيوانية بموريتانيا.
زهرة شنقيط : ما الذى تنتظرونه من الحكومة الموريتانية؟
الكنتى ولد المختار : الحكومة فى النهاية صاحب القرار الأول والأخير، والقادرة – بعد الله عز وجل- على مساعدة السكان، نأمل أن تكون لها لفتة سريعة لتخفيف معاناة الناس، ومستعدون للتعامل والتعاون والمتابعة والمراقبة، ندرك أن المنطقة بعيدة للأسف من اهتمام جل القطاعات الوزارية، والنخب السياسية، وأن السكان لايجدون من يطرح مشاكلهم بما فيه الكافية، ولكن نأمل أن تكون المرحلة الحالية مرحلة خير ونماء، وأن يكون رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى مختلفا عن سابقيه، سمعنا كلامه، دعمناه، وننتظر منه فعل الكثير.
نحن نعانى التهميش ، نعانى من الفقر، نعانى من ضعف التعليم بل وانعدامه، نعانى من نقص حاد فى المياه والصحة ، نعانى من غياب الدولة بشكل كامل، ونتطلع إلى تحسين ظروف السكان، ولن يتم ذلك دون الحكومة وبرامجها والنخبة السياسية وتعاونها، وتعزيز الجهود المبذولة من بعض أبناء المنطقة بغية توفير الخدمات الضرورية لسكانها.
زهرة شنقط : شكرا لكم.