هل ينتقم الرئيس لشرفه من لجان الإسكان؟

محبطون هم سكان الأحياء الشعبية من فساد الإسكان وعجز الرئيس واستمرار الأزمة .. فهل يتم تحريك الملف المثير الجدل؟

صورة سيئة تلك التي يتادولها سكان الأحياء الشعبية بنواكشوط عن المحميات المخصصة لنافذ في هرم الدولة الموريتانية، أو مقرب من رئيس الجمهورية، أو الرئيس ذاته، بعد أن قامت لجان نافذة في وزارة الإسكان ببيع أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أرضية طيلة المأمورية الأولي للرئيس لبعض رجال الأعمال المقربين من أحد مساعديه، دون اهتمام بمصالح السكان المحليين أو الصورة التي حاول الرئيس أن يرسمها لنفسه في أكثر من خطاب.

 

يتحرك سكان الأحياء الشعبية داخل أحياء الترحيل و"أسبيخه"، و"توجنين" و"شارع عزيز" و"دبي الجديدة" و" المقبرة" وهم يستغربون كيف لم يتمكن فقير واحد من الحصول علي قطعة أرضية مناسبة علي شارع رئيسي؟، وكيف ظهرت مباني ضخمة ومنازل فارهة فجأة في الأحياء الشعبية المتناثرة شرق العاصمة نواكشوط؟ وهل كان أصحاب هذه المنازل راضون بالعيش في أكواخ الصفيح طيلة الفترة الماضية؟ ولماذا تنكروا للزهد الذي ميزهم طيلة العقود الماضية فجأة؟ أم أنهم اشتروا قطعها الأرضية من فقراء الأحياء المهجرة قسرا عن أماكنها السابقة؟ أم ابتاعوها من شبكات نشطة في "لادي"؟.

 

أسئلة حائرة.. لكن أجوبتها قد توجد في وثائق "لادي" في عرفات وملح وتوجنين ولكصر.

 

خمسة أشخاص في وكالة التنمية الحضرية احتكروا النفوذ فيها طيلة المأمورية الأولي للرئيس، ومقربون من هرم السلطة التنفيذية في عهدته الأولي، ورجال أعمال كبار ابتلعوا قطع الترحيل واحدة تلو الأخري، بينما لاتزال الأسر مكدسة في أحيائها القديمة وسط حالة من الصدمة تنتاب الممسكين بزمام الأمور، وحالة من الغضب بين فقراء توجنين بالأساس، وقد تلاعب النافذون بقطعهم الأرضية، وتاهت وعود وزيره الأول المنصرف مولاي ولد محمد لغظف في سراب الفساد والزبونية وعجز الرئيس عن المتابعة والمحاسبة.

 

قبل ثلاث سنوات تعهد الوزير الأول ذاته في مهرجان جماهيري بعرفات بانهاء "الكزرة" خلال ستة أشهر،وقبل ثلاث سنوات استغرب الرئيس في مهرجان عقد بتوجنين لتدشين شبكة مياه حجم الأسر المستفيدة من الترحيل والقطع الأرضية الموزعة، وحديث البعض عن مأساة لاتزال قائمة في مجمل الأحياء، وقبل سنتين أقيل ضابط رفيع بتهمة التلاعب بأموال الجيش المخصصة لاعادة هيكلة الأحياء الشعبية ضمن صفقة عقدتها وزارة الإسكان وهيئة الأركان العامة للجيوش، وقبل سنتين أقيل مدير وعين آخر لتحريك الملف الراكد .. لكن الجهود كلها لم تفلح في حل الإشكال، ووضع حد لشبكات الجريمة الفاعلة أو وضع حد لتضاعف ثروة بعض رجال الأعمال والإداريين وبعض الموظفين الكبار بفعل استغلال النفوذ، دون أن تعرف أسر المنطقة المنكوبة طريقها للترحيل أو الاستقرار.

 

حصد الرئيس الكثير من الشتم في أحياء الترحيل بفعل ظلم معاونيه، واذكت الشائعات التي تتحدث عن ملكيته لقطع كبيرة في المنطقة وأسواق شعبية بها الكثير من الجدل حول مصداقية الاستهداف الذي قام به لزوجة الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله، وقد حاولت تحت تأثير النشوة بالسلطة، الاستحواذ علي قطع محدودة لهيئتها الخيرية التي أديرت من قبل بعض أعوان الحكم المنهار.

 

اليوم يحاول الرئيس أن ينفض غبار الملفات المتراكمة عبر لجنة تفتيش قيل إنها حطت بالوزارة، وأن المعطيات الثمينة باتت بين أيديها، لكن هل يمتلك الرئيس القدرة علي تحريك الملف؟ وهل هو بالفعل قادر أو راغب في الانتقام لشرفه الذي دنسته عصابات الجريمة أم رياح الفساد أقوي من وعود الرئيس ووعيده؟