شكل إعلان رئيس حزب التحالف الشعبى التقدمى المعارض مسعود ولد بلخير مغادرة معسكر السلطة، والعودة إلى الفعل المعارض ، أول نكسة لجهود الحالمين من المعارضة بالشراكة فى الحكم، أو حدوث تقارب قوى بينها وبين الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزوانى.
ولد بلخير الذى حسم ملف التجديد لنفسه على رأس المجلس الاقتصادى والاجتماعي، قرر ترك معسكر الرئيس ، وتلمس خطاه نحو المعارضة من جديد ، بعد أقل من سبعة أشهر على دعمه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى دون وعد بالشراكة أو الحضور داخل الحكومة أو مؤسسة الرئاسة بموريتانيا.
الرئيس مسعود ولد بلخير لم يكن أول المحبطين من تسيير الحكومة الحالية للأمور، وإغلاقها باب التفاوض والحوار ، فقد رفع المرشح بيرام ولد الداه ولد أعبيدى الصوت عاليا، بعدما ضنوا عليه بترخيص حزبه أو المنظمة التى حملته إلى الناس، رغم ما أبداه من تفاؤل وحسن ظن بالحكام الجدد، بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، ودخوله إلى جانب الجهود الحكومية الرامية إلى تهدئة الوضع بموريتانيا ، بعد إعلان النتائج.
لقد حاول الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حلحلة العديد من الملفات قبل تسليم السلطة لصديقه محمد ولد الشيخ الغزوانى ، بيد أن ملف إيرا تعثر فى اللحظات الأخيرة، وخير حكام القصر الجدد صفقة كانت مربحة ، الهدوء والاعتراف مقابل أوصال ترخيص.
لا يزال حزب "تواصل" ببعض رموزه يقف أمام حقيقة تكاد تكون مفزعة ولكنها واقع معاش بالفعل، لقد تحولت المعارضة فى موريتانيا من كشكول يمثل كل الرافضين للاستبداد وحكم الفرد ، من محمل الأعراق والفئات ،إلى حراك عرقى وفئوى خالص، بعدما قرر أحزاب العيش المشتركة معارضة الرئيس، وصعدت إقرأ من حراكها، ورفضت حركة الحر الواقع القائم وتراجع التحالف الشعبى التقدمى عن دعمه للرئيس ولما يكمل سنة فى الحكم.
يواجه الرجل الزاهد محمد محمود ولد سييدى ضغوطا قوية من رفاقه داخل الحزب، وينظر بحذر شديد لخطورة قتل الفعل المعارض أو الجري خلف سراب الكلام الحلو، والوعود الجميلة، مؤكدا تشبثه بضرورة إطلاق حوار جدى، وإصلاحات جوهرية وإشراك المعارضة فى تسيير الملفات الكبرى، ورفض المساس بالحريات العامة بموريتانيا مهما كانت الأسباب والمبررات المقدمة من قبل السلطة ، دون أن يظهر أي حماس للجان البرلمانية المشكلة، خوفا من طابعها الشخصى، لتزامنها مع حراك داخل الحزب الحاكم ضد رئيسه السابق محمد ولد عبد العزيز، وهو المبرر الذى رفض بموجبه الانخراط فى مسيرة وجهت لها الرئاسة ودعت لها قوى كانت تنشط فى المعارضة إلى وقت قريب.
مواقف الرئيس محمد محمود ولد سييدى تبدو شبيهة بخلاصة توصل إليها القيادى اليسارى المصطفى ولد بدر الدين، ورفيقته فى النضال جديجا مالك جلو، لقد جزم الرجل يقينا بأن الرئيس الحالى محمد ولد الشيخ الغزوانى غير قادر على إنجاز التغيير الذى وعد به، وحذر رفاقه من خطورة الاستسلام للوهم، داعيا إلى مواصلة النضال من أجل غد أفضل لكل أبناء البلد وقاطنيه.
مشهد لم يبح بكل أسراره لحد الآن، لكنه ينذر بتصعيد قادم لا محالة بين القوى السياسية الفاعلة فى الساحة ومعسكر الرئيس المعزز ببعض رموز الأنظمة السابقة بموريتانيا، ممن أكتشفوا أنفسهم فجأة فى صف النظام الجديد، وارتاحوا لحراكه وسلوكه وتعاطيه مع مخالفيه.
سيد أحمد باب/ مدير زهرة شنقيط