هيمنت الخلافات التقليدية داخل الأسرة القضائية بموريتانيا على اليوم مجريات اليوم الأول من السنة القضائية المقام بقصر المؤتمرات بنواكشوط، وسط حضور مكثف لأعضاء الحكومة وقادة الجيش ورجال القانون والقضاء بموريتانيا.
وحاولت الأطراف القضائية تجاوز الأزمة العميقة بين القضاة والوزير من خلال تحييد الأخيرة عن واجهة المسرح والفعل، والاستعاضة عنه برئيس السلطة التنفيذية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء محمد ولد عبد العزيز، ضمن تصرف حمل الكثير من الرسائل للفاعلين في الحقل الأكثر أهمية بالبلد.
كما هيمنت النيابة العامة على القضاء داخل الجلسة الافتتاحية من خلال تمثيل النيابة بالمدعي العام للمحكمة العليا القاضي أحمد ولد الولي الذي يحاول البقاء في الصورة عبر بوابة الحماية القانونية للمجتمع، والحث على وقف التجاوزات القائمة واستعراض حصيلة النزاعات التي بت فيها القضاء الجالس أو تصرفت فيه النيابة العامة أو انتهت علي مستوي الأجهزة الأمنية.
بينما حافظ وكيل الجمهورية الشيخ ولد باب أحمد على البقاء في الصورة هو الآخر، لكن هذه المرة عبر تمثيله للقضاة كافة باعتباره الأمين العام لنادي القضاة، وأحد صقور الاستقلالية فيه، مذكرا بمطالب قاعدته الأساسية من سكن وحصانة وتقدير، ومذكرا وزير العدل ومعاونيه – ضمنيا دون تصريح- بأن الرئيس الجالس علي المنصة محمد ولد عبد العزيز هو صاحب قرار الترخيص الذى حاول البعض تجييره خلال الأيام الأخيرة باعتباره أحد مكتسبات القضاة في ظل الوزير الحالي، مع العزف على وتر حساس، وهو رفض أسلاف الرئيس للفكرة رغم أنها ظلت مطروحة بقوة لدي القضاة، ولعل أزمة الرجل مع سلف الوزير الحالي محفوظ ولد بتاح أبرز نموذج على المقاومة التي خاضوها من أجل استقلالية القرار الداخلي للقضاة، وفرض هيبة المؤسسة القضائية.
كما لم يستطع نقيب المحامين المنصرف ابتلاع تغييبه من المشهد أو ترك خلفه النقيب الحالي الشيخ ولد حندي ينعم بموقفه المساند للسلطة والمعبر عن مرحلة جديدة من عمر النقابة، ملقيا بمعطفه علي مكرفونات الوسائط الإعلامية المغطية للحدث، ضمن تصرف أثار الكثير من الجدل.
وقد شكل تعهد الرئيس باحترام استقلالية القضاء أجمل خاتمة تطلع إليها القضاة، كما شكل حضور زعيم المعارضة أبرز رسالة يحرص الإسلاميون علي إيصالها للسلطة خلال الفترة الأخيرة، بعد أن ظل مقعد الرئيس أو زعيم المعارضة شاغرا في الاحتفالات الكبيرة، اذا استثنينا فترة المرحلة الانتقالية الأولي حيث حرص الجميع علي الحضور، رغم الانتهاك الصارخ للعدالة وحقوق الإنسان بالبلد.