يبذل رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى جهودا مضنية من أجل مواجهة خطر انتشار فيروس كورونا، والآثار الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة للإجراءات الحكومية الهادفة إلى ضبط حركة السكان، وسط ضعف ظاهر فى أداء العديد من القطاعات الوزارية، والتعامل مع السكانة بمنطق الإدارة المستعمرة، بدل الشريك الذى يخطط لإنقاذ شعبه مع المحافظة على صورته ومؤسسات الجمهورية.
ومن أبرز الأخطاء المرتكبة حاليا :
(*) التعامل مع البلد بمنطق شعب مختار وآخر من الدرجة الثانية أو هكذا يبدو ضمن أجندة صناع القرار. حيث يتمركز عمل اللجنة الوزارية فى العاصمة نواكشوط، حيث السلطة والثروة وفرص العمل، والمنظمات الخيرية، ورجال الأعمال، بينما تختفى اللجنة وآثارها المتوقعة فى الداخل، رغم ارتفاع عدد المحجوزين فيه، وتشعب الطرق المؤدية إليه، وغياب أي فرص عمل فيه، وارتفاع نسبة الفقر بين سكانه.
وتظهر حركة أعضاء اللجنة خارج تفرغ زينه ولكصر، بأن الداخل متروك لقادة الجيش والأمن من أجل فرض إجراءات أمنية استثنائية فيه، وأمله عن العاصمة نواكشوط أو شعب الله المختار، بينما ينظر الوزراء وأعضاء اللجنة كافة إلى صور روتينية تصل منه كل مساء عبر وسائل الإعلام العمومية.
(*) التعتيم الإعلامى: حيث قيدت اللجنة حركة الإعلاميين كافة، وخصوصا فى الداخل، وتركت مساحة مفتوحة للاداريين من أجل تقييم أنفسهم والحديث عن مايقدمونه من خدمات مفترضة للسكان، والتحدث باسم الساكنة عن مشاكل المناطق للداخلية، وكأنها إدارة استعمارية، تخطط وتنفذ وتمنع المستهدفين من التعبير عن أنفسهم، عبر وسائل الإعلام العمومية أو الخاصة. لذا أختفت تصريحات الضحايا من أبناء الداخل، وغيب المنتخبون(رؤساء المجالس الجهوية والنواب والعمد) ، وفتح المجال أمام بعض الإداريين للحديث عن خطط الحكومة وواقع الناس، مع ارتباك تلمسه فى خطاب كل إدارى أو ضابط يدفع به للواجهة، بفعل الإحساس الداخلى لديه بهشاشة المتخذ من إجراءات لصالح الساكنة، ناهيك عن ضياع الحقيقة، حيث يطلب من مكلف بمهمة محددة أن يقم نفسه ودوره واحساس الآخر بما يقوم به هو، فى لحظة بالغة الدقة والحساسية داخل البلد.
(*) تعطيل مؤسسات الجمهورية دون إعلان للطوارى، حيث باتت الإدارة إلى دورها المنصوص عليه ، تتولى السجل الاجنماعى، وتفرز فقراء البلد، وتوزع وتقصى، فى عودة للمنظومة الإدارية ما قبل الحياة الديمقراطية، بينما يتفرج أصحاب الاختصاص، بعدما حرموا بقوة الدولة من ممارسة المهام الموكلة إليهم، وباتت الشراكة مجرد تمثيل منحصر فى جلسات دورية لرئيس الحزب الحاكم مع عدد من رؤساء الأحزاب السياسية لتناول الشاي، وتعاطى جديد الإشاعات فى البلد، دون نقاش القضايا الجوهرية أو إشراك جدى للأحزاب السياسية أو المجالس المحلية المنتخبة، وكأن الإدارى المعين بقرار من الداخلية أكثر فهما بواقع المجتمع وأكثر حرصا عليه ممن انتخب المجتمع ذاته، فى انتخابات شفافة ونزيهة!.
(*) مركزة الوسائل المالية واللوجستيك فى العاصمة نواكشوط، بينما تشكل معابر البلاد الجنوبية والشرقية أكبر تحدى للدولة الموريتانية بفعل انتشار المرض فى دول الجوار ، والحركة اليومية بين الحدود، وضعف المؤسسات الصحية الموجودة فى المناطق الداخلية ، وضعف تكوين الأطباء على التعامل مع الأمراض والأوبئة الفتاكة قبل التخرج وبعده.
ورغم أن الوباء لايزال يحصد أرواح الناس فى كل مكان، والدول العظمى لاتزال تئن تحت وطأته، فقد بدأت النخب السياسية والإعلامية بالعاصمة تضغط باتجاه إلقاء الأسلحة، والحديث عن انتصار السلطة فى مواجهة الفيروس، مما قد يشكل نكسة الجهود المقام بها، ويدفع اللجنة إلى التراجع عن بعض القرارات ، بغية اشعار الناس بطمأنينة زائفة.
إن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى مطالب باتخاذ تدابير جديدة، وتفعيل المؤسسات الجمهورية وإشراك الناس فى تقييم الخطط المعمول بها، والاستماع إلى صوت الشعب المستهدف الأول والأخير بالعملية، أما الإدارة ورجال الأمن، فتقاريرهم اليومية يجب أن تكون خارج التغطية الإعلامية، إلا الأنشطة الميدانية أو التعليق على أحداث بعينها، بدل احتكار الصورة بالكامل، والتغطية على نقاط الضعف والخلل.