كرو بعد 2018 : صعلوك خسر مقعده ومقاطعة خسرت حضورها

خسر النائب السابق عن مقاطعة كرو محمد يسلم ولد عبد الله ،- أو الصعلوك كما يختار لنفسه أوقات السجال -، مقعده داخل الجمعية الوطنية، بعد خمس سنين كان فيها ملأ سمع الناس وبصرهم، منافحا عن حقوق أبناء المقاطعة، ومكافحا ضد مظاهر الغبن والتهميش، ومتحالفا مع كل معارض للرئيس وأركان حكمه، وواعظا للبعض خلال جلسات البرلمان الساخنة، ومعرضا بسلوك من يصنهم كفاسدين داخل البرلمان وخارجه.

 

كلف دخوله البرلمان بعض أبناء المقاطعة مناصبهم داخل المنظومة الحاكمة، وبخروجه خسرت المقاطعة الكثير من الزخم والاهتمام من قبل دوائر السلطة، وخرج أبنائها من أغلب الدوائر التنفيذية و الأمنية خلال الفترة الأخيرة. لقد ذهب النور الذى كان مع المقاطعة بلغة الحكام غير المنطوقة، وكان حضوره سببا فى تصعيد العديد من رموزها فى محاولة لكبح جماح الصعود المفاجئ للتيار الإسلامى بمقاطعة كرو خلال العشرية الأخيرة، والقوى المتحالفة مع الرجل من مختلف التيارات الأخرى.

 

كان رد السلطة على نجاحه سنة 2013 واضحا من خلال إقالة السفير المختار ولد داهى من إيطاليا، وإبعاد محمد الأمين ولد أحمد من إدارة الأمن ، وتهميش فالى ولد الطالب إلى جهاز أمن الطرق، والإمعان فى تهميش رجل المقاطعة البارز عبد الرحمن ولد أمين والحلف الذى يقوده داخل المقاطعة وخارجها.

 

 

بيد أن السنوات الأخيرة من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز كانت سنوات مصالحة مع المقاطعة وأبرز رجالها، وكانت الحكومة مصرة على استعادة كرو والطينطان من حزب تواصل مهما كانت الظروف، وحاولت تحجيم الحزب ودوره، وكان نصيب كرو من ضغط السلطة وبروقها أكثر نجاعة، وحضر أبناء المقاطعة من جديد فى العديد من دوائر الحكم والتأثير، وخفت ثقة السلطة فى بعض وكلائها التقليديين وأعيدت الثقة فى بعض رموز المنظومة السياسية بالمقاطعة بعد فترة من الجفاء، ودخل الحزب الحاكم معركة الحسم بعقلية مغايرة لما كانت عليه الأمور 2013، وكانت انتخابات 2018 فرصة للجيل الجديد من أبناء السلطة داخل المقاطعة من أجل إثبات نفسه، والتحكم فى المشهد بالصورة التى خطط لها الرئيس وأركان حكمه، لتخسر المقاطعة أبرز من مثلوها فى البرلمان (الجمعية الوطنية) ، ومعه خسرت الكثير من اهتمام السلطة، بل خسرت تمثيلها فى الحكومة والأمن والإدارة والحزب، لصالح صعود أطراف أخرى فى المشهد ترى أنها كانت إلى وقت قريبة مهمشة لصالح المركز.

 

ورغم التضحيات الكبيرة التى بذلها فى انتخابات سبتمبر البرلمانية يونيو الرئاسية، لم يمدد للوزير السابق يحي ولد عبد الدائم الذى قاد أبرز الأحلاف السياسية فى المقاطعة خلال انتخابات سبتمبر 2018، وتم تفكيك وزارة الثقافة دون منح أمينها العام المختار ولد داهى أي منصب ، رغم الحضور والكفاءة والتضحية، وحجم دور أسرة أهل أمين، رغم النتائج النوعية للحزب المحسوب عليها، ودعمها المعلن للسلطة والرئيس بشكل خاص، ولم تستفد الحكومة السابقة ولا الحالية من خبرة راكمها المفوض الإقليمى محمد الأمين ولد أحمد، الذى قاد جهاز أمن الدولة فى لحظة مواجهة حرجة داخل البلد وخارجه، ولم تعد قضايا المقاطعة حاضرة بقوة فى البرلمان كما كانت أيام الصعلوك الثائر محمد يسلم ولد عبد الله، ولا سد الآخرون فراغا خلفه بين الناس، بعدما كان قريبا من فقراء المقاطعة، منفقا لماله فى سبيل توفير المياه لمحتاجيها والخبز لطالبيه، متضامنا مع فقراء كل المجالس الأربعة دون تمييز، ومطلقا مشاريع تنموية صغيرة للعديد من أبناء المنطقة ومسنيها لتسيير المراحل الصعبة وتعزيز المنظومة الاجتماعية بكرو.