قال رئيس مجلس الشورى الوطني لحزب التجمع الوطني للإصلاح التنمية "تواصل" حمدي ولد إبراهيم، إن حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا طبعتها بعض النواقص والاختلالات الكبيرة.
وأعتبر ولد إبراهيم خلال حلقة من برنامج " في الصميم" الذي تبثه قناة المرابطون الخاصة، إن الإجراء المتعلق بدعم 30 ألف أسرة يعتبر في غاية الأهمية، إلا أن آلية التنفيذ وإجراءات التنفيذ، والإجراءات المصاحبة للتنفيذ طبعتها اختلالات كبيرة، ولم تخضع في كثير منها للشفافية المطلوبة، وغيبت عناصر فاعلة كالبلديات والمجتمع المدني.
وشدد ولد إبراهيم على أن حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مع بداية ظهور وباء "كورونا المستجد"، كانت مهمة ورحب بها الحزب، مشيرا إلى أن الوضعية تستدعي توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة هذه الجائحة العالمية، معتبرا أن ذلك ما حصل من خلال التنسيق مع الأحزاب الممثلة في البرلمان.
وأوضح ولد إبراهيم، أن الإحصائيات تظهر أن نسبة كبيرة من العاملين تقدر بنسبة تتراوح بين 70 إلى 80%، يوظفها القطاع غير المصنف في موريتانيا، مشيرا إلى أن الإجراءات الاحترازية على أهميتها، تفرض إيجاد إجراءات أخرى مصاحبة لتسهيل وضعية هذه الشريحة الهامة، مشددا أنهم يدركون أن الحكومة أمام تحدي اجتياح هذا الوباء للعالم، لكن لا مناص من العمل على التخفيف من وطأة الإجراءات على هذا العدد الكبير، مشددا على ضرورة الدعم المادي، خصوصا في الإيجار.
وقال المتحدث إن الحزب قدم مقترحات هامة للجنة البرلمانية، معتبرا أنها لم تنفذ حتى الآن رغم أن الوضع يحتاج تدخلا عاجلا، معتبرا أن الحزب يسعى لبناء دولة مؤسسات ينعم فيها الجميع بحقوقه، وأن أكثر ما يعيق تجاوز مشكل الرق ومخلفاته، هو غياب الإرادة السياسية الجادة والاعتراف بهذا المشكل.
وأوضح رئيس مجلس الشورى لحزب تواصل أن فئات عريضة في المجتمع عانت الحرمان والتهميش، مشيرا إلى أن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية يدعو لاعتماد مقاربة جادة تعمل على حل هذا المشكل وتركز على ثلاثة عوامل أساسية: أولها الإرادة السياسية الجادة والاعتراف بالمشكل، لأن غياب هذه الإرادة يعتبر بمثابة الإشكال الكبير، إضافة إلى العمل الجاد من أجل تحرير الخطاب الديني الموجه للمجتمع، خصوصا أن الدين الإسلامي بريء من هذه الظاهرة، بينما البعض يعتبر أن الرق يرتبط بالإسلام، مشددا على ضرورة تحرير الخطاب الرسمي للحديث عن شريحة مهمشة في أغلبها من أجل حل وتجاوز هذا الإشكال، مؤكدا على أهمية تحرير خطاب النخبة والحقوقيين والمناضلين، ليكون عقلانيا وموضوعيا وجادا يسعى لتوطيد وحدة هذا المجتمع المسالم في ما بينه.
أما البعد الثالث فهو الحكامة السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية، والحكامة في مجال التعليم.
من جهة أخرى قال رئيس مجلس الشورى إن التحقيق في ملفات الفساد موضوع جوهري مشددا على أن مبادرة تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في بعض الملفات المشتبه في وقوع فساد من خلالها يعود الفضل فيه أولا لقوى المعارضة، قائلا إن التفكير في اللجنة بدأ بعريضة موقعة من طرف 24 نائبا، 13 منهم من نواب حزب تواصل، وأنها نالت فيما بعد ذلك تعاطفا ودعما من بقية النواب في الأغلبية.
وأشار ولد إبراهيم إلى أن أهداف اللجنة نبيلة، وأن غياب المساءلة يعتبر من أكثر المخاطر التي يعاني منها البلد، معتبرا أن غالبية الأنظمة المتعاقبة على حكم هذا البلد عاث في الأرض فسادا، مضيفا أن تكليف اللجنة الحالية التحقيق في ملفات فساد عشرية النظام السابق يعتبر رسالة بالغة لكل مسؤول موريتاني مفادها أنه ستتم مساءلته باعتباره أجير وخادم لهذا الوطن.
وقال رئيس مجلس الشورى الوطني، إن الملفات المفتوحة طبعها فساد كبير تم الحديث عنه على نطاق واسع، مشددا على أن الأغلبية الميكانيكية كانت تصوت على كل مشاريع القوانين رغم علاتها، معتبرا أن الاتفاقية مع الشركة الصينية كارثة على البلد والمواطنين.
وشدد السيد حمدي ولد إبراهيم على أن الاتفاقية تجعل الشركة لا حساب عليها، ولها ميناء خاص بها، ومعفية من الضرائب، مشيرا إلى أنها التزمت بتشغيل 2500 عامل وهم الآن يعترفون بـ 1000 عامل فقط في منتهى الهشاشة، إضافة إلى أن الشركة تحتكر التصدير، معتبرا أن ما قامت به لا يتعدى عمولات كبيرة حصل عليها الرئيس السابق والمقربين منه، وما سيستفيده الوطن منها قليل جدا، مشددا على أنها تشكل خطرا على الاقتصاد الوطني.
وأعتبر الرئيس أن أكبر ما يعيق محاربة الفساد هو غياب الإرادة السياسية الجادة، خصوصا أن جميع الرؤساء يرفضون التصريح بممتلكاتهم كما يحدث في كل الدول، معتبرا أن الفساد استشرى خلال الحقبة الماضية حتى أصبح ثقافة لدى كل المسؤولين في هذا البلد، مشيرا إلى أن الخطط والاستراتيجيات التي وضعت لم تنفذ.
وقال رئيس مجلس الشورى الوطني، إن الرئيس السابق لم يرد يوما محاربة الفساد، وأن الأمر لم يتجاوز بعض العناوين لدغدغة المشاعر، والتلاعب بنفسيات المواطن الموريتاني، وأن الذين طالبوا بالتحقيق في الفساد ونبهوا إليه أيام النظام السابق اعتبروا أعداء للوطن، معتبرا أن لجنة التحقيق الحالية تعتبر انجازا في حد ذاتها.
وتمنى ولد إبراهيم أن تكون الأغلبية والمعارضة صفا واحدا من أجل ضمان استقلالية هذه اللجنة، وأن توفر لها ميزانية مستقلة، معتبرا أنها تجد الكثير من العقبات في سبيل ذلك، ظهرت من خلال التأخر في اكتتاب الخبراء والجهات المتخصصة، داعيا إلى تمكين اللجنة من القدرة على إجبار المستجوبين على الحضور.
وقال ولد إبراهيم إن الحزب مع تعديل النظام الداخلي للجمعية الوطنية، من أجل تقوية وتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق البرلمانية لتمكينها من القيام بعملها، مشيرا إلى أن لديه أمل كبير في أن تتحقق مهمة اللجنة وأن يكون التحقيق جادا ومنصفا.
وأوضح ولد إبراهيم أن المعارضة قامت بما يمكن أن تقوم به، خصوصا في فترة كان الجميع يتهمها إبان حقبة ولد عبد العزيز، مضيفا ما يؤكد وطنية المعارضة أن ما كانت تقوله عن فساد نظام ولد عبد العزيز أصبح محل إجماع اليوم من طرف غالبية النخبة السياسية في البلد.
ونفى رئيس شورى الحزب أن يكون تواصل يتلقى أي دعم مادي من دول خارجية، معتبرا أن الحزب تدخل في كل الولايات بعد أن استجابت فئات عريضة لمبادرة الحزب الداعية لدعم الفقراء والمحتاجين في مثل هذه الظروف، مضيفا أنه تم التدخل في 15 ولاية لمساعدة المحتاجين، وتم توزيع المعونات الغذائية على المحتاجين دون تمييز.
ودعا المهندس حمدي ولد إبراهيم، القوات العسكرية والأمنية إلى مضاعفة الجهود من أجل حماية الحدود، وتجنيب البلد الخطر المحدق بها، مشددا على ضرورة تجاوب المواطنين مع الإجراءات المقررة للاحتراز من انتشار المرض من خلال تجنب مساعدة المتسللين أو التكتم عليهم.