قال الباحث الموريتاني محمد المختار خليل إن المفكر الإسلامي عبد الرحمن الكواكبي لو كان في أمة أخري لتقبل كتابه " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" تقبل العالم لكتاب "البيان" الشيوعي، أو تعامل معه الناس تعامل الأمة مع تأليف ابن خلدون، لكنه ظلم من أمته رغم أنه مؤسس في هذا المجال.
وقال ولد الخليل في برنامج "أفكار وأسمار" الذي يقدمه الصحفي أحمد فال ولد الدين إن أمة العرب لم يعرف عنها مدح للاستبداد إلا في حالتين: عاشق نزق، أو أخا بداوة، فلم يعرف عن العرب مدح من يتكلم دون تفكير.
واعتبر ولد الخليل أن أحسن وصف استعمله الرجل في توصيفه للاستبداد هو تعريفه له بأنه "التصرف في الشؤون المشتركة بمقتضي الهوي"، أو استعماله مصطلح آخر يشي بعمق التفكير من خلال تعريف الشيء بما يخرج عنه، بدل تعريفه من ذاته حينما وصف الاستبداد بأنه " غرور المرأ برأيه والعدول عن قبول النصيحة".
ونقل المختار عن الكواكبي قوله بأن الاستبداد السياسي هو سبب الانحطاط والتخبط الذي تعيش فيه الأمم المنكوبة بمستبديها، وأن الحل في دسترة الشوري وتحويلها إلي نصوص قانونية ضابط لسلوك السياسيين، وهو أمر يتطلب من الأمة أن تستشعر المسؤولية عما آل إليه وضعها دون " العتب علي الأغيار أو الأقدار".
ودعا الكواكبي في كتابه إلي الغاء الاستبداد من خلال "الاشتراك والانتخاب"، لأن المشاركة السياسية التي تفرض خضوع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية هي أبرز مظاهر العودة عن الاستبداد، محملا " جهالة الأمة والجنود المنظمة" مسؤولية توطيد أركان المستبدين، لذا اقترح فك ارتباط الجيش عن السياسة وتعليم الشعب من أجل الرقي والوعي بالحقوق من أجل تفكيك عري الاستبداد.
ويري المختار ولد الخليل أن الكواكبي محق بالفعل حينما يقول بأن "الحكام يحبون دين الشعائر ولا يحبون دين الإيمان"، فهم يقبلون من الناس الصلاة والزكاة والصوم والحج، لأن الشعائر تقود إلي الانضباط، وهو أمر مساعد ولا يتعارض مع رغبة الحاكم في تسيير البلد والتحكم في الناس، لكنهم يكرهون الأخلاق كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، عدم ظلم الناس.