اعتبر دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أن فهم لفيف السلطة يناسب الدول البوليسية وأنظمة التعذيب والإكراه. مؤكدا أن " ممارسة حق الصمت المكرس في كل قوانين العالم باعتباره جزءا من حقوق الدفاع المقدسة، أنه مجرد ازدراء لمؤسسات الدولة، وهو فهم يناسب الدول البوليسية وأنظمة التعذيب والاكراه، أما دولة القانون والحريات فحقوق الدفاع فيها مقدسة سيما إذا ارتبطت بمبدأ استصحاب البراءة الأصلية".
وقال دفاع الرئيس السابق فى بيان صادر عنه إنه "من العجيب حقا أن لا يكون هذا اللفيف على علم بمبدأ جمهوري تقليدي معروف ومشهور، هو مبدأ عدم مسؤولية رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يقوم بها أثناء ممارسته سلطاته".
وتابع قائلا " والأغرب من ذلك أن يعتبر اللفيف عدم المسؤولية هنا أمرا صادما، ومن المعروف والمشهور والمتداول لدى القانونيين في الجامعات وفي المحاكم أن تقرير عدم المسؤولية عن بعض الأفعال إنما يتم حماية لبعض الوظائف الخطيرة والمهن الحساسة حتى يتأتى لأصحابها أن يؤدوا مهامهم بحرية دون ضغط أو تخويف أو تأثير، وتسمى الحصانة الموضوعية، لأنها تحصن موضوعا معينا من أن يكون محلا للمساءلة، وتلازم صاحبها دائما، كأفعال الرئيس أثناء مأموريته طبقا للمادة 93 من الدستور، وكما يدلي به نواب البرلمان من رأي أو تصويت أثناء أداء مهامهم طبقا للمادة 50 من الدستور، وكما يباشره المحامون من إجراءات لصالح موكليهم أو ما يبدونه من آراء أثناء ممارستهم مهنتهم أو بمناسبتها طبقا للمادة 44 من قانون المحاماة".
وهذا نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم
هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز
بيان
طالعنا في الإعلام بيانا موقعا باسم لفيف الدفاع عن الدولة، وقد طفق هذا البيان يعدد بعض المبادئ القانونية المعروفة التي يتمسك بها موكلنا، محاولا طمس شموسها بغربال من الكلام العام الملقى على عواهنه الذي يجمع النقيضين ويرفعهما معا.
لذلك فإننا ننبه الرأي العام على ما يلي:
1-تحدث هذا اللفيف مرارا بوصفه يمثل الطرف المدني في مسطرة متابعة موكلنا، وفات عليهم أن مركز الطرف المدني لا ينشأ –قانونيا-في هذه المرحلة، لأنه يتعلق بالطرفية في الدعوى المدنية التابعة إذا ما وجه الاتهام وحركت الدعوى العمومية المتبوعة، أما قبل ذلك فلا وجود لدعوى حتى يكون لها أطراف مدنية أو غير مدنية.
ثم إنه إذا ما نشأ هذا المركز القانوني، فلن يكون لصاحبه الحديث فيما سوى دعواه المدنية من قبيل تحديد الضرر وتقدير التعويض، أما الحديث في الدعوى العمومية ومبرراتها وموانعها فشأن النيابة العامة.
أما مركز الشاكي القائم بالحق المدني لدى الشرطة فلا يرتب أي حق سوى منح صاحبه مركز الطرف المدني إذا نشأت الدعوى، وهو يستوجب تقديم شكاية متضمنة لطبيعة الضرر وحجمه وسببه، ومعلوم أن منشأ هذه المسطرة هو نتائج التحقيق البرلماني غير الدستوري، وليس شكاية مقدمة من طرف هذا اللفيف.
فأي مركز قانوني يسمح لهذا اللفيف المحترم أن يخوض في عرض موكلنا ويكيل له التهم جزافا؟!
2-ناقش هذا اللفيف مضمون المادة 93 من الدستور، فخلط المصطلحات واستنجد بمفاهيم عامة من قبيل "المستساغ" و"الثقافة" محاولا دحض نص دستوري واضح وصريح وجلي ولا يقبل التأويل، وهو فوق ذلك تجسيد لمبدأ معروف.
ومن العجيب حقا أن لا يكون هذا اللفيف على علم بمبدأ جمهوري تقليدي معروف ومشهور، هو مبدأ عدم مسؤولية رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يقوم بها أثناء ممارسته سلطاته.
والأغرب من ذلك أن يعتبر اللفيف عدم المسؤولية هنا أمرا صادما، ومن المعروف والمشهور والمتداول لدى القانونيين في الجامعات وفي المحاكم أن تقرير عدم المسؤولية عن بعض الأفعال إنما يتم حماية لبعض الوظائف الخطيرة والمهن الحساسة حتى يتأتى لأصحابها أن يؤدوا مهامهم بحرية دون ضغط أو تخويف أو تأثير، وتسمى الحصانة الموضوعية، لأنها تحصن موضوعا معينا من أن يكون محلا للمساءلة، وتلازم صاحبها دائما، كأفعال الرئيس أثناء مأموريته طبقا للمادة 93 من الدستور، وكما يدلي به نواب البرلمان من رأي أو تصويت أثناء أداء مهامهم طبقا للمادة 50 من الدستور، وكما يباشره المحامون من إجراءات لصالح موكليهم أو ما يبدونه من آراء أثناء ممارستهم مهنتهم أو بمناسبتها طبقا للمادة 44 من قانون المحاماة.
فهل يعتبر اللفيف عدم مسؤولية النواب في المادة 50 من الدستور، وعدم مسؤولية المحامين في المادة 44 من قانون المحاماة أمرا صادما للضمير الجمعي لشعبنا؟!
وهل يساءل النواب والمحامون عن افعالهم المحصنة بعد انتهاء وظائفهم؟!
أما الأخطر من كل هذا في بيان اللفيف فهو الخلط الفج بين الحصانة الموضوعية التي هي مانع من موانع المسؤولية حيث تمنع المساءلة عن أفعال معينة، وبين الحصانة الإجرائية التي تمنع إجراءات المتابعة خلال فترة معينة أو دون القيام بإجراءات خاصة معينة، غير أنها لا تكون مانعا من المسؤولية.
3-اعتبر اللفيف أن ممارسة حق الصمت المكرس في كل قوانين العالم باعتباره جزءا من حقوق الدفاع المقدسة، أنه مجرد ازدراء لمؤسسات الدولة، وهو فهم يناسب الدول البوليسية وأنظمة التعذيب والاكراه، أما دولة القانون والحريات فحقوق الدفاع فيها مقدسة سيما إذا ارتبطت بمبدأ استصحاب البراءة الأصلية.
ثم إن صمت موكلنا هو فوق كل هذا مؤسس على نص دستوري يمنع مساءلته، فهو ليس مجرد ممارسة لحق، وانما هو أيضا تجسيد لاحترام وصيانة دستور البلد وقوانينه ومؤسساته.
4-يبدو أن نقاش شرعية لجنة التحقيق البرلمانية أغضب اللفيف غضبا شديدا لدرجة أنهم وصفوا زملاءهم بالطفوليين وجهدهم بعديم الفائدة، وسبب كل ذلك هو توضيح اختصاص الدستور وحده في وضع القواعد التي تحكم العلاقة بين السلطات، وخلو تلك القواعد من منح البرلمان حق انشاء لجان تحقق في عمل الحكومة، أضف إلى ذلك أن دور البرلمان هو مراقبة عمل الحكومة الحالية وليس السابقة، أما رئيس الجمهورية فلا قائل يقول بمسؤوليته أمام البرلمان في نظام شبه رئاسي، ومعلوم أن هذه المسطرة برمتها تأسست على ذلك التحقيق البرلماني الباطل، وما أسس على باطل فهو باطل.
5-أخيرا حاول اللفيف أن يمنح وكيل الجمهورية حق تقييد الحريات المكفولة دستوريا دون الاستناد على قانون، ليعطوه بذلك حق منع موكلنا من التنقل دون مراعاة عدم الاختصاص طبقا للمادة 93 من الدستور، ودون الالتزام بالضوابط والآجال المحددة في المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 33 من قانون مكافحة الفساد.
لكن هيهات...
هيئة الدفاع