شكلت زيارة الرئيس محمد ولد عبد العزيز للمناطق الداخلية أكبر فرصة للرجل من أجل اكتشاف مستوي التردي الذي آلت إليه أمور التعليم بموريتانيا بفعل مأمورية من التلاعب بالمعلومات والكذب على الرئيس.
أحمد ولد باهية الذي تولي تسيير وزارة الدولة للتهذيب أكثر من ثلاث سنوات، كانت كل تقاريره لمجلس الوزراء "سمن علي عسل" ، وكان الرئيس المغرور به يتصور أن التعليم داخل البلاد يقترب من النموذج الأوربي بفعل ما يسمع في المجالس الحكومية من تجهيزللمدارس وانتظام للمدرسين، وتطبيق للنصوص القانونية المسيرة للقطاع، وترشيد للموارد الموجهة إليها وهي بالمليارات، واختيار أهل الثقة لتولي الإدارة والتدريس، وكانت كل الأصوات المطالبة بالإصلاح مصنفة في خانة الثلة الفاسدة التي تحاول عرقلة مسار الإصلاح بقيادة الوزير المكلف بتسيير ثلاث قطاعات وزارية وأكثر من 55 مؤسسة داخل البلاد.
حالة من الصدمة تنتاب الرئيس بفعل سوء تقديره، واعطاء الثقة لغير مستحقيها، واعتماد المفضول لإدارة شؤون البلد، واستغلاله من قبل معاونيه كواجهة للنهب الذي مارسوا طيلة مأمورية كاملة.
نائب تكتل القوي الديمقراطية المعارض يعقوب ولد أمين كشف فضائح الوزير بشكل مبكر، وتناثرت فضائح الوزير تحت قبة البرلمان في مداخلة مشهودة، واضطر الوزير للخروج عن وقاره والتنابز مع النواب في تسجيل محفوظ، لكنه كان يدرك في قرارة نفسه صدقية ما ذهب إليه الرجل، رغم قناعته بأن شتم المعارضين وتجريدهم للموالين من قيم العدل والإنصاف أبرز ضامن للاستمرار في الوظيفة، لذا كان مسرورا بالشتائم التي وجهت له من قبل النائب المذكور.
فضائح قطاع بدت واضحة للرئيس اليوم بعد مأمورية حافلة بالخداع، مصير سيئ ينتظر العديد من أطر الدولة وكوادرها البارزين، والنتيجة واحدة.. بلد تلعب به عصابة ورئيس منكوب بفعل سوء تدبير معاونيه.
وحده الرئيس يمكنه أن يجيب الآن بعد رحلة الحوضين ولعصابة وكوركل، وهل ماتزال الثقة التي منح الرئيس للوزير ولد باهية وكبار معاونيه في محلها أم أن نظرته للأمور تغيرت بعد مشاهد الضعف والتلاعب والفساد والكذب المنثور؟.
لو خير الشعب لقال كلمة النائب المشهور في آخر استجواب للوزير .. نعم بامكان وزير التهذيب أن ينصرف الآن .. لكن الرئيس يبدو مسلوب الإرادة أمام بعض المقربين منه اجتماعيا أو غير مقتنع بخطورة استمرار جيل المأمورية الأولي علي سمعته ومكانته والشعارات التي يرفع منذ توليه مقاليد الحكم في انقلاب عسكري شهير.