سيدنا سوخنو فى الحوض الغربى : بداية اهتمام أم ترتيب لمشهد آخر؟
قرر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ارسال الوزير السابق سيدنا سوخنو إلى الحوض الغربى للتواصل مع رموز الحزب ومناضليه، بعد سنة وبضعة أشهر من القطيعة بين رموز الحزب فى المنطقة، وقادة الحزب الحاكم والحكومة والرئيس !.
ويعتبر ارسال وفد من الحزب الحاكم إلى المنطقة بعد سنة من مؤتمر المرجعية أول تواصل بين قادة الحزب الجديد والقواعد الشعبية بالولاية، وأول اهتمام من السلطة الحاكمة بمن انتخبوها فى الثانى والعشرين من يونيو 2019، بعد أن ظلوا خارج أولويات الرئيس والحكومة والحزب، مكتفين بمراقبة المشهد عن بعد، أو الإهتمام بمشاكل الناخبين دون سند حكومى، فى ظل عزوف القيادة الجديدة عن التشاور أو التواصل أو التعاون مع المنتخبين.
وبحسب معطيات حصلت عليها زهرة شنقيط فإن الرئيس الحالى محمد ولد الشيخ الغزوانى لم يجتمع بأي منتخب من الولاية منذ وصوله للسلطة سوى باثنين – ضمن آخرين- وهما : رئيس المجلس الجهوى ختار ولد الشيخ أحمد خلال اجتماعه برؤساء المجالس الجهوية، ورئيس رابطة عمد الحوض الغربى أحمد زيدان ولد أحمد محمود، ضمن مكتب رابطة العمد بموريتانيا.
كما ضاقت أجندة الوزير الأول السابق اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا عن مجمل المنتخبين المنحدرين من الولاية طيلة مسار حكمه، ولايزال الأمل يحدو النخبة بانتهاج الوزير الأول الحالى محمد ولد بلال لنهج آخر.
ويقول بعض قادة الحزب الحاكم ورموزه بولاية الحوض الغربى إن سياسة التجاهل المتعمدة من قبل دوائر صنع القرار، أثمرت معارضة متصاعدة فى الأوساط المحلية، وأدت إلى ظهور نخب متمسكة بالأغلبية، لكنها لم تعد ترى فى الحزب الحاكم مايستحق أن يحافظ عليه، وكانت نتائج انتخابات 2018 فى الولاية معبرة عن الشعور الداخلى بالمرارة، بعدما تمرد أبناء الولاية على الحزب، رغم الضغط الذى مارسته السلطة التنفيذية والذى بلغ فى بعض الأوقات حد البلطجة واستخدام النفوذ لخلق واقع جديد على الأرض.
لقد خسر الحزب الحاكم ساعتها أحد نواب الطينطان لصالح حزب تواصل وبكثافة تصويت غير مسبوقة ( أكثر من سبعة آلاف و500 معارض)، وخسر لعيون من شوط الإنتخابات الأول لصالح تحالف "حاتم والإسلاميين"، وخسر اثنين من نواب كوبنى، بعدما فاز النائب موسى ولد ابو ولد سيدي اعمر من أحد الأحزاب المغمورة، وأكدت النائب فاطمة بنت اعل محمود للمرة الثانية أنها رغم يصعب تجاوزه فى الساحة المحلية بالمقاطعة، حتى ولو فك ممثل الشيخ محمدو ولد الشيخ حماه الله الإرتباط السياسى معها، ووقفت فى وجهها مجمل القوى الحزبية بالمقاطعة بما يمثله ذلك من احراج وضغط.
وخسر الحزب الحاكم بلدية أكجرت للمرة الثانية أمام قوى محلية لم ترض بسياسة الأمر الواقع، كما خسر بلدية أم الحياظ كبرى المجالس المحلية بالمقاطعة، بفعل التهميش والإقصاء المستمر، وخسر مجالس محلية أخرى فى الطينطان وكوبني لصالح المعارضة أو القوى الخارج عن سيطرة الحزب الحاكم.
لقد بذل القائمون على الحزب الحاكم ساعتها الممكن من أجل انقاذ صورته، بيد أن امعان السلطة التنفيذية فى الدخول فى الصراعات المحلية، والتعامل بميزاجية مع النخبة السياسية المحلية ، كادت تطيح بالحزب الحاكم فى العديد من الدوائر، ومنها المجالس الجهوية التى أعيد فيها التصويت فى مجمل المناطق الداخلية بين مرشحى الحزب ومرشحى أبرز أحزاب المعارضة السياسية (تواصل)، وهو نهج مستمر إلي اليوم كما يقول بعض أبناء الحزب وكبار الفاعلين فيه.
تصدر رجال الأعمال المشهد بالولاية لفرض التوازن، وكان للحلف الذى قاده رجل الأعمال سيدى محمد ولد السييدى بالطينطان بالغ الأثر فى الساحة المحلية، حيث تمكن بموجبه الرجل من فرض نفسه كلاعب بالمقاطعة، عارض السلطة أو ناصرها، ليفوز للمرة الثالثة بمنصب نائب عن الطينطان، وهذه المرة كانت إلى جانبه أم الخيرى بنت الغزوانى، حليفه الجديد فى الساحة المحلية، بعدما أستقال من البرلمان وفك الإرتباط مع الإسلاميين.
وفى مقاطعة لعيون كان لرجل الأعمال عمار ولد أحمد سعيد الدور الأبرز فى النتائج المحققة للحزب بالمقاطعة، وتمكن مع زميله النائب حمادى ولد التباري من العبور إلى البرلمان فى الشوط الأول، وبنتيجة كبيرة، بينما تعثر الحزب فى البلدية، بفعل الخلاف الحاصل بين الكتل المنضوية سابقا فيه، والشعبية التى يحظى بها مرشح المعارضة أج ولد الدي.
وفى تامشكط تمكن التحالف الجديد بين النائب عبد الرحمن ولد الصبار والنائب حمدى ولد حمادي من اضعاف شوكة المعارضة الإسلامية بالمقاطعة، بعدما ظلت حاضرة بقوة خلال العشرية الأخيرة، وكان لنتائج المقاطعة دور بارز فى حسم ملف المجالس الجهوية فى الشوط الثانى. وقد وقف حلف تامشكط التقليدي إلى جانب الحزب، معززا مكانته فى الأوساط المحلية، برموزه التقليدية النائب السابق محمد الأمين ولد أبهاه، والوزير السابق الكورى ولد عبد الموالى، ومفوض الأمن الغذائي حاليا أحبيبي ولد حام.
ورغم المآخذ السابقة على الحزب ورموزه ، فإن قادة الحزب الحاكم وبعض الفاعلين فيه يأملون أن تكون الوفود الحالية بداية لمصالحة بين الحزب وجمهوره، وأن تكون رؤية الرئيس والحكومة لواقع المنطقة مختلف بالكامل عما كانت تدار به الأمور خلال المراحل القادمة، وأن تنصف الأطراف التى عانت من التهميش دون مبرر، وأن تقدر الجهود التى بذلت من أجل التمكين للمشروع الجديد.