الحرس الرئاسي.. درع الرئيس وشبح المعارضين بموريتانيا

شكل اصرار تكتل القوي الديمقراطية أحد أبرز الأحزاب السياسية المعارضة بموريتانيا علي ادراج حل كتيبة الحرس الرئاسي ضمن "ممهدات الحوار" أبرز نقطة عرقلت التشاور بين أقطاب المنتدى طيلة شهري فبراير ومارس.

 

وشكل المطلب في حد ذاته حرجا للنخبة المحاورة للحزب داخل المنتدى بحكم استحالة تنفيذه من جهة وكونه من الناحية الأخلاقية يشكل نقطة حرج للمعارضة الطامحة لفرض تحول ديمقراطي في البلد، حيث سيجعلها في مواجهة سياسية مفتوحة مع أهم كتائب الجيش الموريتاني، وقوة العاصمة الضاربة، وحراس أبواب القصر الموصدة منذ عقود أمام أحلام الشيوخ الطامحين لدخوله.

 

يري الحزب المعارض ومعه بعض القوي الشبابية في البلد أن قوة الحرس الرئاسي باتت تشكل أكبر خطر يتهدد التناوب السلمي بموريتانيا، وأن رجالها مشاريع قادة في المرحلة القادمة بحكم سلاسة الانقلاب الذي قاده رئيس الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز سنة 2005، واعادة ترتيب البيت الداخلي للأغلبية سنة 2008 بعد أن أزاح كبار الضباط من وجهه، بعد أن حاولوا مد يد الإنقاذ لرئيس البلاد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لحظة احساسه بالغرق.

 

وتري أوساط أخري داخل المعارضة أن تصحيح مسارها وتحويلها إلي قوة تابعة للأركان بالفعل، هو المطلب المقدم للرئيس، وأن تفكيكها أو نقص تسليحها غير مطروح لدي المعارضة أو غير مطالب به علي أصح تقدير ضمن ورقة الممهدات التي تم تمريرها بعد تنازل كل الأطراف المشاركة في التفاوض.

 

لماذا حل بازب؟

 

لايكثر زعماء المعارضة أو الحركات الشبابية المناوئة للحرس الرئاسي بموريتانيا في عرض أسباب الرفض، رغم اللغة الحادة التي تعامل بها البعض مع أهم كتائب الجيش الموريتاني سنة 2009 ، حينما جزم أحد وزراء ولد الطايع (مؤسس الكتيبة) بأنها "مليشيا" وأن اغلب عناصرها "أجانب"، وهو التصريح الذي كلفه حريته لعدة أشهر، ضمن مسار اتسم باضطهاد المعارضين وقمع المحتجين علي تنحية الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، المشكلين لتحالف داخلي عريض باسم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية المدعومة من قبل شارع عريض في الشارع الموريتاني وقوي دولية فاعلة في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر لفرض اعادة "الشرعية" أو الرئيس المعزول سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله علي لغة مناوئيه.

 

غير أن المصرحين في شأنها يتهمونها بالوقوف خلف الانقلابات العسكرية وترسيخ حكم غير ديمقراطي، وهو أمر يطرح الكثير من الأسئلة بشأن مصداقية مروجيه علي الأقل، رغم وجاهة طرحه، كما يقول أنصار الرئيس وبعض محازبي المعارضة.

 

فالحرس الرئاسي الذي ترفع بعض أوساط المعارضة مطلب حله، تورط في انقلابين أولهما سنة 2005 حينما تحرك رئيس الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز لتغيير النظام الديكتاتوري بقيادة الرئيس معاوية ولد الطايع، وتنصيب ابن عمه مدير الأمن – سيئ الصيت ساعتها- رئيسا للبلد، ضمن تغيير رحبت به مجمل القوي السياسية المطالبة الآن بحل الكتيبة، وشاركت في ثمارها ضمن مسار اتسم بقدر كبير من التوافق، مع ظهور استهداف ممنهج لبعض رموز الحقبة الطائعية، وتقويض لأبرز الأحزاب السياسية ساعتها (الحزب الجمهوري) وتفويض مطلق للجيش في رسم ملامح المرحلة الانتقالية بعد أن اعلن رئيسه بالفعل العقيد محمد ولد عبد العزيز تخلي كافة أعضاء المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية عن الحكم، وعدم الترشح للانتخابات الرئاسية في تصريح بثته وسائل اعلام أمريكية مهتمة بموريتانيا.

 

 أما الانقلاب الثاني الذي تورطت فيه الوحدة ذاتها، فهو انقلاب 2008 الذي وصفه أبرز المطالبين بحلها اليوم بأنه "حركة تصحيحية" فور علمه بخبر تنحية غريمه سيدي ولد الشيخ عبد الله من الحكم عبر فضائية الجزيرة القطرية، وساند حزبه أحلك مراحل التحول نحو حكم الفرد بموريتانيا، وصمت نوابه ونشطائه وهو يرون فضلاء البلد يتعرضون للقمع والسحل من قبل القوي الأمنية في الشوارع.

 

بل إن البعض من نواب الحزب وقادته البارزين كانوا أبرز رموز الحراك غير الأخلاقي المستهدف للرئيس المدني المقهور في زنزانة انقلابييه، ضمن ماعرف لاحقا بجوقة "محكمة العدل السامية".

 

كانت شهور 2009 تمر ببطء بفعل انسداد الأفق، وكان وزراء الحزب ونوابه يتحركون ضمن جوقة الجيش، بينما تحرك زعماء آخرون لفرض بعض قيم الاحترام في الشارع يتزعمهم رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير، الذي تعرض للضرب والاختناق أكثر من مرة بفعل اصراره علي مقاومة حكم "بازب" المدعوم من مؤسسة زعيم المعارضة وشيوخ القبائل و"كتبة البرلمان" كما يقول مدونو المعارضة بموريتانيا، وهم محقون في الأمر بعد أن ذاقوا مرارة الظلم في شوارع العاصمة علي يد الجيش والنخبة المعارضة المنحازة لمساره الأحادي.

 

كيف سيكون رد الرئيس؟

 

يترقب الموريتانيون كافة، والشارع المعارض علي وجه الخصوص، ردود الفعل المتوقعة من قبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز علي مطالب المعارضة، ونظرته لشرط "حل بازب" أو اعادة دمجها في القوات المسلحة كما نصت صيغة الورقة الأخيرة بعد شهر من التفاوض واقناع حلفاء الكتيبة بالأمس بعدم عرقلة الأمور اليوم.

 

لكن الأرجح لدي الجميع هو أن الرئيس لن يعطي وعدا بحلها، بل إنه غير قادر بالفعل علي ذلك، فهي اليد الضاربة التي يدير بها أمنه، وهي الشبح الذي يطارد مجمل معارضيه السياسيين والعسكريين، فهل يتخلي عنها بسهولة لتمرير اتفاق جزئي مع بعض معارضيه الراغبين في المشاركة في انتخابات جديدة بعد أن فاتهم قطار 2013؟