هل تخلت السلطة عن مهمتها فى ضبط الرسالة الإعلامية خلال شهر رمضان؟

خسر الإعلام العمومى خلال السنوات الأخيرة رسالته الموحدة تجاه الشعب، والمعبرة عن وجود مركز واحد للقرار داخل البلد، بفعل تمترس كل مدير خلف جزء من المنظومة التنفيذية والأمنية الحاكمة،  والتصرف فى المؤسسة كإقطاعية خالصة له من دون الناس.

وظلت رسالة السلطة خلال شهر الصيام موحدة طيلة العقود الثلاثة الأخيرة،  عبر تكليف الشؤون الإسلامية بتحديد من يحاضر بالجامع الكبير خلال الشهر الفضيل.

وتكليف وسائل الإعلام العمومية بنقل المحاضرات المقررة فيه ، وصلاة التراويح بشكل متزامن وموحد، مع تخصيص حلقة ليلة بالتلفزيون الرسمى من أجل نقاش القضايا الطبية والفقهية،  ضمن مسطرة معدة سلفا بين قطاعي الشؤون الإسلامية والصحة، ضبطا الرسالة الإعلامية وتوفيرا لما يحتاجه الناس من معلومة صحية أو فقهية ولكن من مصدر مؤتمن ومحدد سلفا من قيادة البلد ، بوصفها الجهة المسؤولة عن أمن المجتمع الفكرى.

وقبل سنة قام وزير الشؤون الإسلامية بإخراج المسجد الجامع من المعادلة،  مبررا الأمر بضرورة نقل التراويح من المسجد العتيق (ابن عباس) ، وهو القرار الذى حمل أكثر من رسالة كما يقول متابعته. ففى الأمر رسالة سياسية غير خافية،  مفادها العمل بخلاف ما أستقر عليه الوضع خلال العشرية الأخيرة، مع إظهار القطاع كصاحب القرار والمحدد لما يجب أن يكون خلال شهر رمضان الكريم.

ولم تمر الخطوة دون تعليق، بعضه أخذ المنحنى التقليدي داخل البلد ( تفسير القرارات بطابعها الجهوى) والبعض الآخر أخذ طابع السياسية، وكأن فى الأمر رسالة لمفتى البلاد العلامة الشيخ أحمدو ولد لمرابط مفادها "عهد التحكم والصدارة قد ولى"، رغم مكانة الشيخ العلمية ودعمه المطلق للنظام منذ إعلان ترشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى مارس 2019.

غير أن قرار وزارة الشؤون الإسلامية انفرط عقده، بعدما قرر مدير الإذاعة نقل صلاة التراويح من مسجده الخاص الذى بناه داخل ساحة الإذاعة، تاركا للتلفزة مسجدها الذى تنقل منه (الجامع العتيق) ، وربما يقرر مدير التلفزة الوطنية غدا نقل صلاة التراويح من التلفزة، فلها مسجدها اكتتاب الأئمة لم يعد حكرا على وزارة الشؤون الإسلامية.

وقد تطور الأمر أوالإنقسام بين الوسائط الإعلامية الرسمية، بعدما قررت التلفزة أن تبث التروايح قناة المحظرة ، وبث بعض برامجها عبر ( موجة FM) وقرر مدير الإذاعة بث التراويح تلفزيونيا عبر شراكات عقدها مع القطاع الخاص (بعض المحطات الخصوصية) ، لتعويض حرمانه من احدى باقات التلفزيون الرسمى!.

وتطور النزاع الحاصل إلى تفتيت تركيز المشاهد ليلا، عبر تحويل الرسالة الإعلامية الرسمية من طابعها الرسمى الإلزامى إلى خيارات فردية ، يمكن لكل مدير أو وزير أو مستشار أن يحدد للرأي العام ما يجب عليه أن يتابع فى وسائل الإعلام العمومية أو الخصوصية أو الأجنبية إذا تطورت الموارد واستفحل العجز وتفاقم النزاع !.