أفرج رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى عن التعديل الوزاري الذى انتظره الجميع لأكثر من شهر، وسط آمال محلية بتنشيط بعض الدوائر الحكومية وإعادة ترتيب البيت الداخلى للأغلبية فى ظل حراك متصاعد داخل أروقة الحكم بموريتانيا.
ومن أبرز ملامح التعديل الجديد إعادة الاعتبار لثلاث أسر فاعلة فى الشرق والغرب والوسط والشمال، عبر تعيين أبناء رموز كانوا محل تقدير المجتمع، رغم الاستهداف الذى عانوا منه خلال العشرية الأخيرة بحكم الخلاف بين أبناء تلك الأسر والرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أو الاستهداف الذي عانوا منه خلال فترات سابقة.
ومن أبرز الداخلين للتشكلة الوزارية الجديدة ابنة رئيس البلاد الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله ، الذى أطيح به فى انقلاب عسكرى سنة 2008 وسجن بعد خلافه مع عدد من ضباط الجيش، قبل أن يتخذ الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ بعض الخطوات لجبر الضرر المعنوى الذى تسببت فيه تلك الحقبة للرجل ومحيطه المباشر وبعض داعميه .
تعيين الوزيرة آمال بنت سيدى ولد الشيخ عبد الله أغلق الطريق فى وجه الوزير السابق للصحة نذير ولد حامد ابن نفس البلدية والمجموعة والمحسوب سياسيا على الأسرة أيضا، وهي رسالة أراد الرئيس من خلالها هذه المرة أن تكون أكثر مباشرة وأن يكون صريحا فى الإختيار من أسرة الرئيس الراحل بعد أن أختار له سابقا من زكاه ورشحه.
خروج الوزير نذير ولد حامد مهد الطريق أمام رفيقه وشريكه فى الرؤية والنظرة للقطاع الصحى لفترة طويلة المدير السابق للصحة العمومية الدكتور سيدي ولد الزحف ليشغل منصب وزير الصحة خلفا له، مستفيدا هو الآخر من خروج الوزير المثير للجدل سيدي ولد سالم من منصبه الذى شغله منذ المأمورية الثانية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، بعدما راكم من الأخطاء السياسية والإعلامية الكثير.
وغير بعيد من نفس الطرح قرر رئيس الجمهورية إسناد حقيبة جديدة للوزيرة السابق فى عهد الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله القيادية بحزب عادل سابقا والنائب حاليا فاطمة بنت خطري.
ويأتي تعيين الوزيرة فاطمة بنت خطري على رأس مفوضية الأمن الغذائي بعد عشر سنين من الإقصاء والتهميش بفعل الموقف الذى أتخذته مع والدها 2008 بالوقوف مع الرئيس المطاح به سيدي ولد الشيخ عبد الله، وانخراطها فى صفوف الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية.
وفى منطقة أترارزه أسندت حقيبة حقوق الإنسان للناشط المعروف الشيخ أحمد ولد أحمد سالم ابن الراحل أحمد سالم ولد سيدي، الذى يعتبر أحد وجوه أترارزه البارزين وأحد رموزها الذين كانوا طلائع النخبة المعاصرة لتأسيس الدولة ، وأحد الذين عانوا من التهميش والاستهداف خلال العقود الأخيرة.
ومع احتدام الجدل داخل وزارة الزراعة قرر الرئيس إسناد حقيبة الصيد للوزير أدي ولد الزين، وتقسيم الوزارة إلى قطاعين، أحدهما أسند للوزير لمرابط ولد بناهي الذى غادر قطاع الثقافة إلى البيطرة والآخر أسند إلى أحد أبناء لبراكنه، ضمن توازنات لا تختلف كثيرا عما كان معمولا به خلال العشرية الأخيرة.
وبحكم الجمود الذى ميز قطاع المياه والضعف الملاحظ والمشاكل القائمة بين الوزير وبعض كبار المعنيين به، قرر الرئيس إسناد حقيبة المياه للمفوض السابق لحقوق الإنسان حسنه ولد بوخريص، والذى يعتبر من أبرز أطر المالية والاقتصاد سابقا، وأحد الذين واجبنا مجمل مشاريع التنمية بموريتانيا منذ دخوله الوظيفة كمدير 1994.
وجدد الرئيس الثقة فى الوزيرة الناه بنت حمدي ولد مكناس بعد الحملة الأخيرة عليها، وأسند إليها قطاع الصناعة التقليدية مع التجارة والسياحة، بينما أبعد الوزير المثير للجدل الطالب ولد سيد أحمد عن الرياضة، بعدما أثار المتاعب لرموزها، ودخل فى حرب مفتوحة مع كل الفاعلين فيها، وهو ماقلص من دوره كوزير كان مكلقا بقطاعين مهمين أو ثلاثة( الشباب والتشغيل والرياضة).
وبموجب التعديل الجديد تم تصعيد أحد أبرز الذين نافحوا عن الرئيس ومشروعه وتصدروا الحملة الإعلامية أيام ترشحه وكانوا إلى جانبه فى الأزمة الأخيرة، وهو السفير السابق المختار ولد داهي الذي منح قطاع الثقافة والرياضة والنطق باسم الحكومة، مما عجل برحيل كفاءة كبيرة هي الوزيرة خديجة بنت بوكه، و التى قد تستدعي لملف آخر خلال الأسابيع القليلة القادمة.
حضور قوى للشباب فى تشكلة الوزير الأول محمد ولد بلال ، قد تهمد لمزيد من الحضور إذا كان الجيل الحالى على قدر المسؤولية والتحدي الذى أنتدبه الرئيس لمواجهته مع بداية حكمه، وقبل انتصاف مأموريته الأولي .