عملت شخصيا في الفترة من 2010 إلى غاية 2016 بالصندوق الوطني للتأمين الصحي CNAM كرئيس لخلية المتابعة والتقييم اولا ثم لاحقا مكلفا بنفس الملف مضافا إليه الإعلام والتواصل مع جمهور الصندوق وشركائه في المجال.
وفور البدء في العمل، كانت أولى الأولويات تتمثل في تعزيز الثقة لدى منتسبي الصندوق والعمل على إقناع من يحق لهم الانتساب (ولم يفعلوه بعد) بالتقدم بملفات انتسابهم للاستفادة من الخدمات التي يوفرها الصندوق.
وعملت جنبا إلى جنب مع الإطار الكفء والوزير الحالي للاقتصاد الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة السيد عبد العزيز ول الداهي حيث واجهنا رفقة زملاء آخرين أكفاء جل مصاعب التسيير اليومي سواء المتعلقة منها بإدخال آليات التسيير المحكم ومكننة العمليات المالية أو تبسيط اجراءات الانتساب مرورا بمكافحة الغش والمحافظة على الموارد لضمان صرفها في مجالها الصحيح.
ومع مرور الوقت، تحققت بعض الانتصارات هنا وهناك على مستوى تحسين وتبسيط الاجراءات والرفع من الكادر البشري للصندوق، ومثلت خدمات التأمين الصحي بارقة أمل حقيقي لمن دفعت بهم الظروف إلى المستشفيات الوطنية أو من تطورت حالتهم الصحية وألجأتهم للحاجة للمستشفيات الخارجية ضمن ما يعرف بالرفع الطبي إلى الخارج.
وخلال تلك الفترة كانت عملية الانتساب للتأمين الصحي مقتصرة، طبقا لما تنص عليه القوانين المنشأة للصندوق، على الفئات العاملة من الموظفين وذويهم (الزوج أو الزوجة والابناء).
وحز في نفوسنا طيلة تلك الفترة من العمل الشاق رؤية المرضي من ذوي الدخل المعدوم ومن لا عمل لديهم يعانون بصمت وهم يصارعون المرض والوهن في ظل ظروفهم الصعبة وتتقادم بهم السنون ثقيلة دون سند قوي في ظل فشل المنظومات الاجتماعية التقليدية لدى بعضهم وعجزها عن المسارعة لإسعاف الملهوفين منهم للتخفيف من معاناتهم.
مع أنه لا يخفى تعفف بعضهم وإعراضه عن اللجوء لمثل تلك الحاضنات مهما كلف الثمن.
واليوم، وبلفتة تاريخية، تتقدم الجمهورية بخطى ثابتة نحو أبنائها وبناتها من هؤلاء "المنسيين" من الشباب وكبار السن لتحنو عليهم وترحمهم وتقيهم هوان السؤال وخيبة الوهن وانكسار غياب السند القوي وقت الحاجة وتشملهم بتأمينها الصحي مثل غيرهم.
هنيئا لرئيس الجمهورية بالفوز بشرف إنسانية وتاريخية هذا الانجاز.
فعلا، "لن نترك أحدا على قارعة الطريق"، مثل ماتم التعهد به.
هنيئا لؤلائك الذين احتضنتهم الأم - الجمهورية ولو بعد حين انتظار.
وهنيئا لنا جميعا أن عشنا حتى ... هذه اللحظة.
احمد فال / محمدن