التظاهر مشروع والتخريب مرفوض .. هل يلجم العقلاء حراك الشارع من جديد؟

تعيش مناطق واسعة من الشرق الموريتانى على وقع توتر اجتماعى متصاعد منذ عدة أشهر، بفعل الفقر والتهميش، وفشل بعض المقاربات المعلنة من طرف وزراء التشغيل، والطاقة، والمياه، والصحة، خلال السنوات الأخيرة، وانهيار المنظومة التربوية بالكامل داخل كبريات المدن ومجمل مناطق الريف.

وتشكل هشاشة المنظومة الإدارية ببعض الدوائر الحكومية، والزبونية في ببعض القطاعات الخدمية وقود الحراك المتصاعد داخل الشارع، بفعل ضعف الخدمات المقدمة فى مجالي الكهرباء والمياه، وبعد التصريحات الرسمية للقائمين عليها من واقع الناس المعاش، ورفض التعامل مع الأصوات الصادقة التى تعبر من وقت لآخر عن حجم الخلل القائم، والضعف الملاحظ، وتقدم رؤيتها لواقع التنمية بشكل مسؤول وعقلاني.

مدن عديدة داخل البلد تغرق فى الظلام من وقت لآخر، وأحياء شعبية واسعة محرومة من الخدمة منذ ٢٠ سنة، وشركة مهددة بالإفلاس بحسب الوزير المسؤول عنها، وموارد جمة مهدورة بفعل الفساد وسوء التسيير، بينما يتصدر الشاشات بعض المسؤولين عن الواقع المر الذى ورثه النظام الحالي فى قطاعي المياه والطاقة، وهو يلقى التصريحات المستفزة للرأي العام ، من قبيل "عهد انقطاع الكهرباء ولي!!" ، و" لدينا الموارد المالية اللازمة لحل مشكل العطش بموريتانيا" ، وبث صور الطائرات المسيرة "أدرون" وهي تلتقط صور المدن، تمهيدا للشروع فى تخطيطها، دون إهتمام بما قد تسببه تلك التصريحات المستفزة والعبارات الواثقة والوعود المكذوبة من إحراج للنظام نفسه، وتحريض للشارع على السلطة ورموزها، وكأن مسؤوليها يتعمدون تثويره بالقول ضمنيا "الموارد متوفرة ولدينا القدرة على التنفيذ، ولكن هنالك من يعرقل وصول الخدمة إليك"؟!..

إن ضبط الأمن مسؤولية الجميع،  وليس من الوارد إشعال الوضع بسوء الخدمة، ومطالبة القوى الأمنية بفرض الإقامة الجبرية على أكثر من ثلاثة ملايين مواطن، ولاتوجد حلول سحرية تمكنه رجل الأمن من التفريق بين المتظاهر من أجل حق منتزع أو مطلب مشروع، ومخرب يستغل أي حراك للعبث بالأمن والسكينة، وتعريض ممتلكات الغير للتخريب، وتشويه صورة المجتمع الذى ينتمي إليه، أو الحراك الذى ألتحق به فجأة دون تشاور أو تنسيق أو تخطيط أو سابق معرفة.

إن مدن الشرق الموريتاني بحاجة إلى تنمية حقيقة ومستديمة، وخلق فرص عمل للعاطلين من الشباب،  وتقديم قروض ميسرة للنساء الفقيرات فى الريف، ونقل بعض المؤسسات الرسمية والتعليمية إلى المنطقة من أجل بعث الحياة فيها.

إن علاقة الوزراء بالداخل يجب أن تتغير،  فليس من الممكن أو المستساغ أن يظل الوزير ذلك الشخص الوافد المحروس برجال الأمن الذى يزور المنطقة لبضعة دقائق من أجل عقد اجتماع مختصر ببعض معاونيه والتقاط الصور داخل قاعة مغلقة، والعودة للعاصمة دون حوار مع الوجهاء، أو نقاش مع الشباب والطلاب، أو إنجاز يتفق الناس عليه، أو امتصاص لغضب محسوس، أو جلب داعمين جدد للنظام الذى ينتمي إليه، أو ترشيد حراك المناوئين على أقل تقدير.

سيد أحمد ولد باب/ مدير زهرة شنقيط