شكل تعيين المحامي ابراهيم ولد داداه علي رأس وزارة العدل الموريتانية نهاية مؤقتة لأزمة القطاع الداخلية المستمرة منذ أشهر بفعل الخلاف الذي استطاعت بعض الأوساط زرعه بين القضاة والوزير القادم من أدغال البنك المركزي بموريتانيا.
لكن تعيين الرجل المنشغل بترتيب أوراقه بعد مشوار امتد لبعض الوقت داخل قصر الرئيس، قد يشكل نكسة للعدالة الموريتانية، اذا انتقلت الصراع من خلاف في الرؤي بين بعض الفاعلين إلي صراع جهوي تؤججه مشاعر الإحباط لدي بعض النخب المستفيدة سابقا من القطاع، والموسومة من قبل الرئيس وكبار معاونيه بالطابع الجهوي مع مسحة من المعارضة ترفض الجهر بها، وتمارسها بشكل مكشوف في مجمل الملفات المعروضة أو الاستحقاقات الكبيرة.
صحيح أن الكلمة النهائية في تحويل القضاة وترقية القضاة ومعاقبة القضاة بيد المجلس الأعلى للقضاء أو رئيسه محمد ولد عبد العزيز، لكن من المعروف أيضا أن الوزير الحالي ينتمي إلي كتلة المحامين الأكبر في موريتانيا، والمعروفة بتحالفها القديم والمناوئ لمجمل الأطراف الفاعلة في القضاء، فهل يحرر نفسه من مخالب رفاقه وأقاربه؟ أم يتخلي عن وظيفته كوزير لصالح زيه كمحامي؟.
يعرف الوزير الجديد دون شك أبرز مفاصل التأثير في القضاء الموريتاني، ويدرك أكثر غيره معني فرض سياسة أمر الواقع من خلال الزج ببعض أنصاره وأصدقائه في مراكز حيوية لتمرير آرائه ومقترحاته، ويتقن رفاقه داخل سلك المحاماة وضع العصي في دواليب العمل القضائي والسياسي، وخلق الخصومات الشخصية والاستهداف الممنهج للغير، لكنه يدرك أكثر من غيره معني أن تكون وزيرا للعدل في نظام يمركز أبسط أساسيات الحياة في جهازه الأيمن علي مكتبه الوثير بالقصر، ويسير مؤسسات الدولة بسياسة أمر الواقع، ويتقن فن اذلال الكبار.
تحديات صعبة وآمال كبيرة لدي القضاة من التغيير الجديد .. فهل ينحاز ولد داداه إلي منطق الدولة وحاكمية القانون؟ أم ينحاز إلي رفاقه ونخبة محل الميلاد المحكومة بروح الانتقام والرغبة في العودة لمراكز التأثير؟.
زهرة شنقيط