دخل رجل على الإمام الشعبي وهو جالس مع زوجته، فقال: أيكما الشعبي فقال هذه.
فقال الرجل: ما تقول أصلحك الله في رجل شتمني في أول يوم من رمضان، هل يؤجر؟.
فقال الشعبي: إن كان قال لك: يا أحمق، فأرجو له
كذلك أولئك الذين ردوا عن النائب العيد ولد محمدن، بالقول: إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. أولئك قوم أثابهم الله على مذهب الإمام الشعبي.
ويحكى أن أحد الرواة كان مشهورا بالكذب فسألوه عن اسم الذئب الذي أكل يوسف، فقال اسمه "حجون "فقالوا له: لكن يوسف لم يأكله الذئب، فقال: فهو اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف.
كذلك النائب الموقر العيد الذي سأل مستنكرا لا مستفهما عن إنجازات رئيس الجمهورية، فلعله يسأل على طريقة الراوي عما لم ينجز، إذ المنجز أقرب إليه من حبل الوريد، وأوضح من الشمس رأد الضحى، والعين لا تنكر ضوء الشمس إلا من الرمد.
فيبدو ان النائب العيد الذي أعلن سلفا ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة دون الرجوع إلى قواعد أو قيادات حزبه، قد بدأ حملته الانتخابية مبكرا بل ومدلجا غسق ليل السياسة البهيم على غير هدى وبصيرة، بيد أنه وإن كان لم يوفق في توقيت وطريقة إعلان ترشحه، فإن التوفيق جانبه أكثر، والخطأ خالفه أكبر، في مستهل حملته الانتخابية السابقة لأوانها التي أطلقها من قبة البرلمان.
فخرج قبل أيام على قومه في زينته، متبخترا، ومستفهما وساخرا (.. عسى أن يكونوا خيرا منهم) من إنجازات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني خلال السنتين الماضيين، مغازلا بذلك مشاعر الناس، مستبضعا أصواتهم قبل الأوان، ومستغلا حالة الأزمة التي خلفتها جائحة عالمية، ضربت أعتى الاقتصادات وأقوى المجتمعات وأرقى الدول، فكيف ببلد كبلدنا يكابد مخلفات عشر عجاف أكلن ما قُدم لهن، واستدنّ مأ تأخر عنهن، ورغم ذلك كان حجم الإنجازات كبيرا وطيف المستفيدين منها وساعا عظيما.
تحدث العيد ـ وليته سكت ـ فأقام الحجة على نفسه، وخرج منها خائبا قد قَطع دابر أمره وصرف النظر ـ إن كان منصفا لنفسه ـ عن أصوات فئات كثيرة من المواطنين.
فيا سيدي النائب الموقر، ثق أن أصوات أكثر من 600 ألف مواطن استفادوا من التأمين الصحي المجاني غير المسبوق في تاريخ البلد، لن تكون من نصيبك وقد جحدت مكسبهم واستنكرت حظهم، وأن أصوات مئات الآلاف من المواطنين الذين يتلقون إعانات شهرية منتظمة ما علموا لها ولا طالتها أمانيهم قبل هذا النظام، لن تكون لك حليفا ولا نصيرا، وأن عشرات آلاف المواطنين الذين تضاعف معاشهم التقاعدي مائة في المائة، وأصبح في متناولهم شهريا بعد أن كان زهيدا، وفصليا، لن يمنحوك نصرهم ودعمهم، ومثلهم آلاف أرامل المتقاعدين وعائلتهم الذين استفادوا من مضاعفة المعاش ومن التأمين الصحي المجاني، وأكمل حسابات أصواتك دون عشرات الآلاف من عمال قطاع التعليم الذين استفادوا من تعميم علاوة الطبشور لتشمل كل مديري المدارس الأساسية والثانوية، وباتت تصرف لهم على مدى اثني عشر شهرا، بدلا من تسعة اشهر فقط، كما استفادوا من مضاعفة علاوة البعد، وكذلك زيادة علاوة التأطير بالنسبة للمئات من مفتشي التعليم الأساسي والثانوي.
أم أنك تطمع ـ ومصارع الرجال تحت بروق الطمع ـ بأصوات عشرات الآلاف من عمال الصحة الذين تمت زيادة راتبهم، بنسبة ثلاثين في المائة، واستفادوا جميعا دون استثناء من علاوة الخطر، فضلا عن المئات من مرضى الفشل الكلوي وعائلاتهم، الذين تمت زيادة التكفل بحصص تصفيتهم بنسبة خمسين في المائة، وباتوا يستفيدون شهريا من إعانات مالية قدرها 15 ألف أوقية قديمة،
كما أنك أيها النائب الموقر والمرشح المستعجل، لا أمل ترجوه ولا رجاء تتطلع إليه في أصوات ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا البلد وعائلاتهم، ممن استفادوا من التأمين الصحي المجاني، وهم أحوج الناس إليه بحكم هشاشتهم المادية والبدنية، أكثر من حاجتهم لمزايدات سياسية كاذبة خاطئة.
بل لا مطمع لك ولا أمل في أصوات عشرات آلاف الأسر من ذوي الأطفال متعددي الإعاقة الذين قرر رئيس الجمهورية صرف إعانات نقدية شهرية لهم بقيمة 20 ألف أوقية قديمة، أم أنك تطمح ـ وقد ارتقيت مرتقى صعبا ـ في أصوات مئات الآلاف ممن استفادوا من إنشاء صندوق خاص للتضامن الاجتماعي ومكافحة فيروس كورونا، واقتناء كافة حاجيات البلد من الأدوية والمعدات والتجهيزات الطبية المرتبطة بالوباء، وهو ما مكن من التكفل بالمرضى مائة في المائة، وبعناية فائقة، دون أن يدفعوا هم أو ذووهم أوقية واحدة لقاء ذلك، بخلاف نظرائهم من مرضى كوفيد19 في مختلف أنحاء العالم.
وسيكون سوء تقدير منك أو تغافلا ساذجا، إن أنت تطلعت إلى أصوات أكثر من ثلاثين ألف اسرة فقيرة تعيلها نساء أو يقيم عليها عجزة من ذوي الإعاقة، استفادت من إعانات بلغت قيمتها الإجمالية خمسة مليارات أوقية قديمة، إبان تصاعد أزمة كوفيد 19 عام 2020، حين ضاقت الأرض بما رحبت على الجميع، وبات الإغلاق وتعطيل المصالح السبيل الوحيد والوحيد فقط، لمواجهة الجائحة عبر العالم.
وهل لك من مأرب أو مطمع في أصوات المواطنين الذين استفادوا من تحمل الدولة لكافة الضرائب والرسوم الجمركية على القمح والزيوت والحليب المجفف والخضروات والفواكه طيلة أزيد من ثلثي عام 2020، وأولئك الذين استفادوا من تحمل الدولة لفواتير الماء والكهرباء عن الأسر الفقيرة لمدة شهرين من عام 2020، فضلا عن تحملها عن المواطنين في القرى، جميع تكاليف المياه القروية طيلة نفس الفترة، وتكفلها بجميع أعباء الضرائب البلدية عن عشرات آلاف من أصحاب المهن والأنشطة الصغيرة لنفس الفترة.
وهل تطمع في أصوات عشرات آلاف أرباب الأسر من العاملين في الصيد التقليدي الذين تحملت الدولة عنهم كافة الضرائب والإتاوات المترتبة على هذا النشاط طيلة أكثر من ثليثي عام 2020.
هذه بعض الأصوات التي خسرتها أيها المرشح المستعجل، من الذين استفادوا من بعض التدخلات الاجتماعية للدولة خلال فترة حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ناهيك عن الذين حصدوا ثمار إنجازات عملاقة في مجال الطرق والبنى التحتية والتعليم والصحة، وعلى الصعيد الدبلوماسي .. وغيره.
والقائمة قد تطول وتطول.. لكن ما سلف يكفي لأن تقول لنفسك، ما هذا بصراطك المستقيم نحو كرسي الرئاسة.. لقد أخطأت واتبعت سبلا فجاحا بسؤال استنكاري كان مبلغ غايته أن قد رميت نفسك عن قوس واحدة، ,اجهزت عليها، فما تركت لصديق من حجة ولا لمشفق من معذرة.. فهل إلى مرد من سبيل.
محمد محمود ولد عبد الله