غيديلي : رمز كروي ضحي بفرنسا من أجل ألوان العلم الوطني

بشوش وهادئ الطبع داخل معسكرات المنتخب، قوي داخل الكتيبة الموريتانية علي أرضية الميدان، وأحد ركائز خط الوسط دون منازع، سريع رغم وزنه، وخط نار جربته كبري منتخبات القارة، إنه اللاعب "غيديلي" أبرز لاعب ضحي بالحقوق المترتبة علي جنسيته الفرنسية من أجل الالتحاق بمنتخب البلد، وأحد صناع المشهد الكروي بموريتانيا.

 

كانت سنة 2013 لحظة اكتشاف الفتي الموريتاني "جيديلي" في احدي الضواحي الفرنسية، وكانت مهمة اقناعه صعبة، لكن ولد يحي راهن عليه من أول يوم.

 

داخل  ملعب "بريست" يتدرب الفتي الفرنسي سكنا "غيديلي ديالو "والموريتاني أصلا (من مواليد 1989 في أنجاجبني) مع تشكلة النجوم التي يمتلكها النادي، وفي خط ميدانه أبدع، فاختير ضمن منتخب الشباب الفرنسي، ومع الأشبال قبل الشباب مثل فرنسا في دورة أوربية مشهودة.

 

تم الاتصال به في أواخر 2013 من طرف رئيس الاتحادية الوطنية لكرة القدم أحمد ولد يحي من أجل اقناعه بالانضمام للمنتخب الأول بموريتانيا قبل مباريات ودية كان الأخير ينوي القيام بها في "كندا" و"مسقط" ضمن تحضيره القوي لتصفيات أمم افريقيا 2015.

 

ليست مهمة سهلة أن تقنع لاعبا بحجم "غيديلي" بالتخلي عن طموحه الأوربي، والعودة إلي صحراء موريتانيا القاحلة، وملاعبها الرملية من أجل اللعب، إنها خسارة بمفهوم الجيل الشبابي المعاصر، خصوصا إذا كان الأمر يتطلب التضحية بجنسية فرنسا من أجل اللعب لمنتخب مهزوز الصورة، صنفته الفيفا – وهي محقة – سنة 2011 في ذيل الترتيب العالمي (206) بعد أن اختار القائمون عليه سياسة الهروب من المواجهة ودفن الرؤوس في الرمال.

 

وافق "غيديلي" في النهاية، وحزم أمتعته وغادر إلي كندا، كانت لحظة انطلاقة الفتي المدلل مع المنتخب الأول بموريتانيا، وكانت معركة الأوراق الرسمية، والصراع مع الفرنسيين علي الشاب قد اندلعت خلف الكواليس.

 

أمتع "جيدلي" جمهوره في المباراة الودية أمام "كندا" وعبرها حقق أول حلم للتشكلة الموريتانية من خلال الفوز الأول في تاريخ البلاد علي منتخب أوربي بهدف نظيف سجله رفيق دربه آداما با، بعد أن قرر المهاجم النحس "دومنيك داسيلفا" مغادرة معسكر الفريق قافلا إلي القاهرة بعد نزع القيادة منه.

 

تدخل الرئيس محمد ولد عبد العزيز بسرعة لمنح اللاعب الموريتاني "غيديلي" أوراقه، إنها معركة عمر، وبيمينه خط "غيديلي" في رسالة مؤثرة للفيفا اقراره بالتنازل عن طموحه الأوربي عبر فرنسا، وتفضيله اللعب لصالح بلده الأصلي موريتانيا، فربوع "أنجاجبني" أغلي لديه من "نيس".

 

لم تنتظر الفيفا كثيرا، وقررت في السادس والعشرين من ابريل 2014  السماح للاعب الموريتاني "غيديلي" باللعب مع منتخب بلاده الأول، رغم أنه مثل فرنسا في أوقات سابقة.

 

كانت الفرحة كبيرة داخل معسكر المنتخب، وكانت السعادة أكبر في أروقة الاتحادية الموريتانية لكرة القدم التي ازدادت اعجابا باللاعب بعد مبارياته الودية الثلاثة في كندا ومسقط.

 

وقد بات "غيديلي" اليوم أحد أعمدة المنتخب الشاب، وأحد رموز الكتيبة الخضراء الساعية للعبور نحو الحلم الإفريقي من بوابة الكامرون أبرز فرق القارة السمراء خلال العشرية الأخيرة.