شكل تسريب باكولوريا 2015 فضيحة بكل المعايير للقائمين علي النظام التربوي بموريتانيا، وضربة موجعة لمساعي الرئيس محمد ولد عبد العزيز من اجل جعل سنة 2015 سنة انطلاقة لإصلاح القطاع، وختام سيئ لمشوار دراسي حاولت بعض الأطراف السياسية أن تنشط فيه لتعزيز المصداقية التي كان يتمتع بها النظام التربوي.
غير أن الأسوء في القصة هو صمت الحكومة، وسط مساعي من كبار النافذين لإنقاذ القائمين علي الامتحانات الوطنية بموريتانيا من مشنقة التسريب المرة، والتلاعب بسمعة البلد واستقرار منظومته التربوية لصالح بعض الأسر النافذة في الوقت الراهن.
الوزارة التي تم تأميمها من قبل أطراف سياسية وأمنية متحالفة بولاية لبراكنة مطلع العام الجاري، أفرغت أهم مصالحها (إدارة الامتحانات) من كل كوادرها، فحول مدير المصلحة سابقا إلي تكوين المعلمين لخلافه مع خازن أسرار المصلحة، ثم أعفي من مهامه بتهمة سخيفة، وحول خليفته إلي التعليم الخاص بعد تسييره للموسم المنصرم بكل شفافية ونزاهة، ثم همش هو الآخر بحكم ضعف السند العسكري والأمني الذي يعتبر لازمة لأي مسؤول يريد الاستقرار في مكانه، وتم التلاعب بكبار الفاعلين فيها خلال الأشهر الأخيرة، وأصحاب الخبرة والتجربة الطويلة، من أجل التمكين لشقيق أحد كبار الضابط الممسكين بزمام الأمور، وتلميعه كمفتاح تحول في المنظومة التربوية بالبلد.
لكن الأخبار التي تداولها رواد الشبكة العنكبوتية خلال الساعات الماضية كشفت مستوي ترهل المنظومة التربوية، وضعف الجهة المكلفة بتسيير الامتحانات بموريتانيا، وخطورة استغلال النفوذ من أجل تعزيز مكانة الأقارب علي حساب المصلحة العليا للبلد.
يدرك الرئس محمد ولد عبد العزيز أن النفس الذي بدأ به العام الحالي في خطابه بات مهزلة بحكم الفضيحة التي ختم بها العام الدراسي من قبل القائمين علي الامتحانات الوطنية، ويدرك سيدي محمد ولد محم وقادة حزبه أن الجهد والوقت والمال الذي بذلوه من أجل تعزيز فرص البعض في النجاح بات مهزلة بحكم أن نسبة النجاح الآن باتت مرتبطة بقدرة الطالب علي النفاذ "للواتساب" وليس حجم الاستفادة التي تلقاها من دروس الحزب الطوعية قبل شهرين.
لقد شوه القائمون علي التعليم صورة البلد، وضربوا مصداقية الشهادة الأهم في موريتانيا، واستحقوا بجدارة تصرف رئيس يثبت أنه الحاكم الفعلي لموريتانيا – بغض النظر عن رأي الضباط المحيطين به- لكن هل يوجد بالفعل رئيس يمتلك قرار نفسه؟
بضع ساعات ونكتشف آخر فصول المسرحية الجديدة ..