نجاح أول دفعة فى البكالوريا من تجمع ترمسه.. (كواليس التأسيس وأشواك المسيرة الأبرز فى تاريخ التجمع)

لم أتمالك دموع الفرح، وأنا أطالع خبر عبور الأخوة الأعزاء من "تجمع ترمسه" ببلدية تيمزين "أبوبكر ولد حمود ولد عبد الله" و"بوشيبه ولد فاليلي ولد أشماته" ، وعابدين ولد عوه " و"سيدى محمد ولد بادى ولد المجتبى" عقية الباكولوريا (شعبة العلوم الطبيعية) بعد سنوات من المصابرة والجد، وسط أجواء بالغة الصعوبة ومحيط تداعى من 22 قرية لتأسيس كيان يعوضه عقود الحرمان الكثيرة، دون كثير رعاية أو إهتمام من قبل السلطة الإدارية أوالمنتخبين المحليين.

بداية مارس 2015 كان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يخطط للقيام بزيارة واسعة للحوضين، وكنا ساعتها نشعر بالحسرة جراء العجز عن افتتاح إعدادية بتجمع ترمسه، وتفاقم الأمراض جراء شرب المياه المالحة بالمدينة، وغياب أي نشاط اقتصادى يمكن الركون إليه بالتجمع الجديد.

بعد تشاور مع الوجيه الفاعل بالتجمع الجديد " فاليلي ولد أشماته" نضجت فكرة تسيير مسيرة من ترمسه إلى العاصمة نواكشوط للمطالبة بانقاذ التجمع، أو تفكيكه، وتقويم التجربة للخروج من الوضعية التى وضع فيها سكان القرى المرحلين، والبحث عن حلول للمشاكل القائمة وهي كثيرة لدى صناع القرار بالعاصمة نواكشوط قبل زيارة الرئيس المبرمجة للحوضين ساعتها.

تولى الأخ فاليلي ولد أشماته تكاليف القافلة بالكامل (تجهيز سيارتين وتكاليف 16 شخص من أبناء التجمع من ترمسه إلى العاصمة نواكشوط) ، مع قرار بعدم الإعلان عن المسيرة قبل تجاوز " فراج تامشكط" تفاديا للعرقلة من السلطات المحلية بالحوض الغربى.

أدرنا حملة إعلامية كبيرة قبل وصول القافلة للعاصمة نواكشوط ، وكان لتعاون بعض المواقع والقنوات الأثر الطيب (الأخبار/ الوسط/ المرابطون/ الساحل/ زهرة شنقيط/ ميادين/ أتلانتيك ميديا..) ، وكنا نجرى تقويم دورى للعملية، حيث أستمرت المسيرة ثلاثة أيام، وكان البعض فى البداية يسخر منها، ولما وصلت تنويش بمقاطعة توجنين، تحرك بعض السياسيين والإداريين لمنعها من الوصول إلى القصر، والاكتفاء بما تحقق، مع وعود من هنا وهنالك ...

رفضنا كل عروض التدخل والوساطة من قبل المنتخبين المحليين وبعض الوجهاء، وأبقينا على الوقفة فى وقتها المحدد، لتكون أمام القصر الرئاسى قبل عودة الرئيس ساعتها محمد ولد عبد العزيز فجرا من ضواحى بالنشاب، وهو موعد أخترناه بدقة تفاديا لحجب الأخبار عنه من قبل بعض معاونيه.
بعد نهاية الوقفة الأولى، تواصل معنا رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم طالبا عقد لقاء مع المحتجين بشكل جماعى، وهو ماتم لاحقا (الخامسة بمقر الحزب) ، حيث أستمع للجميع دون مقاطعة، وتعهد بالنظر فى المطالب والتواصل معهم فى الغد على أبعد تقدير.

بعد الإجتماع بساعات تواصل معى رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم طالبا اللقاء فى مكتبه باكرا (الساعة السابعة)، وكنت جد مقتنع بأن ملف ترمسه سيطرح للنقاش بشكل أساسى، أو النقاش هو الملف ذاته دون الخوض فى أي ملفات أخرى.

وفعلا أخرج الرئيس سيدي محمد ولد محم ورقة حملت 16 مطلبا، عارضا تحديد المطالب الأساسية والرغبة فى تسويتها دون الحاجة لإحراج السلطة أو استمرار التظاهر أمام القصر، بعدما وصلت الرسالة. مؤكدا أن مجمل التقارير الواردة من الداخل تؤكد وقوف فاليلي ولد أشماته خلف المسيرة، رغم أنه لم يظهر فيها ولم يعلن تبنيه رسميا للقرار، رغم تكراره الدائم بأن المسيرة جهد شبابى ونسائى ينبغى أن يحترم، وأن التدخل فيه أو العمل لاجهاضه غير وارد.

يدرك ولد محم العلاقة بين الأسرتين بشكل (أهل أشماته وأهل بابه) وهو مالم أنفيه، بل أكدت له دعمى للحراك دون تسييسه حقا لا قولا، وأنى أولويتي هي حصد مكاسب للمحيط الذى أعيش فيه، ورفع الظلم والغبن عن منطقة تربطنى بها وشائج القربى والجيرة وأشياء أخرى..
وبعد نقاش أتفقنا على عدة نقاط نعتقد أن التنازل عنها غير ممكن، مقابل تعهد بوقف الحراك بشكل فورى؛
(1) سوق شعبى بالتجمع لتوفير بعض الفرص لأبناء التجمع، وانعاش الحركة التجارية بالمنطقه ، وهو مطلب كان يقف ضده العديد من أبناء القرى المجاورة والسلطة الإدارية بكوبنى
(2) توزيع القطع الأرضية على الوافدين الجدد إلى التجمع من نفس المنظومة الإجتماعية
(3) توفير سيارة إسعاف للمركز الصحى وتجهيز صيدليته
(4) إصلاح منظومة تحلية المياه بالتجمع، وربط الحنفية المالحة بالحنفية الأخرى والبحث عن مصادر مياه بديلة
(5) فتح محظرة بالتجمع واكتتاب إمام راتب من أبناء المنطقه
(6) فتح إعدادية بالتجمع مع بداية العام الجديد، لضمان مواصلة التلاميذ للدراسة داخل التجمع، بدل العودة للمربع الأول الذى عانت منه مجمل المجموعات المشكلة للتجمع منذ عقود.

كان رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم سريعا فى تعاطيه مع الملف، وكان الوزراء أصحاب قرارات سريعة كذلك (وزير الصحة أحمد ولد جلفون/ وزير التهذيب باعصمان/ وزيرة الإسكان آمال بنت مولود / وزير الشؤون الإسلامية أحمد ولد أهل داوود) مع اتصال فى نفس اللحظة بالوالى محمد الأمين ولد بلعمش لحسم ملف ترخيص السوق الأسبوعى. ووعدنى بالنظر فى ملف المياه، وقد تفهمت التسويف لعلاقته الوزير ساعتها برئيس الحزب، ولأن القصة برمتها فضيحة غالط فيها المكلفون بالملف اللجنة الوزارية التى كانت تتولى التحضير لتأسيسه.
هاتفت فاليلي ولد أشماته وأبلغته بنتيجة الجلسة، واقترحت عليه تعليق الوقفات والتخطيط للعودة، لأن ثقتى بالرجل كانت كبيرة، وجد متأكد من أن المطالب المذكورة ستتحقق، مع أمل بحل ملف المياه بعد التواصل بينه وبين رئيس الجمهورية ساعتها.
وقبل نهاية الجلسة طلبت منه إضافة رسالة اعتبار للقائمين على القافلة وهي ترتيب لقاء مع بعض الفاعلين فى السلطة، وهو ماتم فى أسرع وقت ، حيث رتب اجتماعين مهمين لقادة الوفد مع الوزير الأول ساعتها يحي ولد حدمين، وجلسة مع الوزير أحمد ولد أهل داوود، ليعود الوفد أدراجه بعد يومين فقط من المقام بالعاصمة نواكشوط.

مرت الأمور وفق ما أتفقنا عليه دون دعاية إعلامية، أو استغلال الأمر فى الحملات الإنتخابية أو زيارة ترمسه لتدارس ماتم وتثمينه، فقد حققت للأهل بعض ما أريد أو يريدون ، وتصرف هو وفق مايمليه عليه منصبه، كقائد لحزب أنيطت به قيادة البلد فى ظرفية بائسة من تاريخ الدولة والمجتمع.

اليوم يحصد سكان ترمسه أول ثمار الإعدادية ( خمس طلاب يعبرون عقبة الباكولوريا و62 شهادة لختم الدروس الإعدادية خلال بضع سنين) ولله الحمد والشكر.

وكل عام وتجمع ترمسه بألف خير